قال الطبيب النفسي الدكتور محمد طه مؤلف كتاب “علاقات خطرة”: إن لاعب المنتخب محمد صلاح مر بـ 12 حالة نفسية في دقيقة واحدة، مؤكدًا أن المراحل النفسية التي مر بها محمد صلاح يواجهها الشخص في عدة سنوات.
وأضاف، مرور صلاح بهذه المراحل في دقيقة واحدة يعد من أكثر المواقف خطورة في علم النفس بعد تعرضه لصدمة نفسية، بإحراز الكونغو لهدف التعادل في مرمى المنتخب.
وكتب محمد طه تدوينة على فيس بوك: “معادلة محمد صلاح.. أعتقد إنى ماشوفتش في حياتى حد بيعدى بكل أنواع المشاعر دى خلال دقيقة واحدة.. لأن ده نظريًا صعب.. وعمليًا مستحيل.. ونفسيًا خطر.. شوفوا الأول الفيديو ده، علشان أوضح لكم حاجة عكس كل اللى أعرفه من العلم ومن الدراسة ومن الدراما ومن كل حاجة..”.
وقال: “الأول بس محتاجين نتفق إن فيه خمس مراحل المفترض الإنسان الطبيعى يمر بيهم لما يتعرض لصدمة نفسية كبيرة فيها فقد (يعنى موت حد، خسارة شديدة، وهكذا).. المرحلة الأولى اسمها مرحلة الإنكار: يعنى الواحد بيعتبر اللى حصل ده كأنه ما حصلش.. مش مصدق يعنى.. يتعامل كأن شيئًا لم يكن..”.
وأضاف: “المرحلة التانية هي مرحلة الغضب: وهنا بيبدأ الشخص يثور ويغضب ويعبر عن غضبه ده تجاه أي شخص وأى شيء.. المرحلة الثالثة اسمها مرحلة التفاوض: وهنا يبدأ الواحد يقول (ماذا لو).. يعنى يمكن لو كنا عملنا كذا ماكانش حصل كده.. يمكن لو ماعملناش كذا كان هايحصل كيت”.
وعن المراحل الأخرى تابع طه: “المرحلة الرابعة هي مرحلة الحزن: هنا بقى بتتراجع الدفاعات النفسية، ويكتشف الشخص إن اللى حصل حصل فعلًا.. ومش نافع تفاوض ولا لوم ولا غضب.. وإن فيه واقع جديد هو مضطر يتعامل معاه.. فيحزن.. ويتألم.. وممكن ينكسر.. المرحلة الخامسة والأخيرة هي مرحلة القبول: يعنى خلاص بقى.. حصل فقد.. وحصل غضب.. ومراجعة.. وحزن.. مافيش قدامنا بعد كل ده غير إننا نقبل إن دى طبيعة الحياة.. فيها كسب وفيها فقد.. فيها مكسب وفيها خسارة.. فنقبل اللى حصل.. ونكمل في الحياة”.
وقال طه: “الحكاية دى ممكن تاخد شهور.. وممكن توصل سنوات.. وممكن تقعد العمر كله.. العلم بيقول كده.. ودراسة النفس البشرية كما نعرفها بتقول كده.. لكن اللى حصل إمبارح في دقيقة واحدة كان غير كده تمامًا”.
وأضاف: “محمد صلاح مر بـ12 مرحلة غير بعض.. 12 نوع من المشاعر الإنسانية المتتالية.. 12 منحنى بيانى نفسي مختلف.. في دقيقة واحدة (60 ثانية).. تابعوا معايا الصور بنفس الترتيب، اللى كانت لغة جسده فيها واضحة ومعبره عن اللى بيحصل جواه جدًا”.
وعن المراحل التي تعرض لها محمد صلاح أضاف طه: “1- صدمة نفسية شديدة: أول ما جه هدف الكونغو.. ضرب وشه بإيده وكأنه مش مصدق.. 2- حزن: إلقاء نفسه على الأرض في رد فعل سريع جدًا.. 3- هروب في الحزن: دفن راسه بين إيديه على الأرض.. 4- يأس: حاول يرفع راسه لحظة، ورجع نزلها على الأرض تانى”.
وتابع: “5- محاولة قبول: بيقوم من على الأرض وبدأ يتحرك.. 6- ندم: بيرفع إيده وخبط بيها رجله.. 7- شعور بقلة الحيلة: رجوع (أرجحة) يديه الاتنين للخلف ورا ضهره.. 8- حزن مرة أخرى: يرفع إيديه فوق راسه وتعبيرات وجه جزينة جدًا”.
واستطرد قائلًا: “9- غضب مرة أخرى: صراخ عالى بأقصى ما يمكن.. 10- تحدى: هنا بقى بتبدأ الأمور تاخد منحنى تانى خالص.. وكأن كل المشاعر اللى فاتت كانت زى الوقود اللى بيصهر مجموعة كبيرة من المعادن النفيسة، علشان يصنع منهم سبيكة غالية قيمة.. نظرة عينه في اللحظة دى بتجمع بين الحزن والألم واليأس والغضب والتحدى بشكل غريب جدًا”.
وقال: “11- الأمل: هنا بدا عليه الأمل.. مش بس كده.. ده هو قرر كمان يبث الأمل في نفوس الجمهور (وباقى على نهاية المباراة 3 دقايق)، فرفع إيديه الاتنين وتوجه ناحية الجمهور، طالبًا منهم يشجعوا فريقهم من تانى، وماييأسوش.. هو هنا كمان قرر يتونس.. أيوه.. يتونس بالناس.. الناس اللى هو واثق إنه بيحبهم وإنهم بيحبوه.. من غير ما يعرف إن كل أدوات علم النفس الحديث والقديم والقادم بتقول إن العلاقة مع ناس بتحبنا هي دايمًا صمام الأمان ضد أي اضطراب نفسي أو شعورى مهما كانت صعوبته.. الناس هي الحل.. والحل في الناس.. إيه ده.. إيه ده فعلًا”.
وأضاف: “12- الحماس: محمد صلاح هنا عدى مرحلة الأمل، ووصل لمرحلة الحماس.. اللى بدأ فيها يسقف لزمايله.. ولنفسه.. ولجمهوره.. وهو اللى يشجعهم، مش بس هما اللى يشجعوه”.
وعلق محمد طه: “في الحقيقة أنا مش كاتب الكلام ده علشان أزيد محمد صلاح مدحًا أو وصفًا أو نفاقًا، هو مش محتاج ده على الإطلاق.. بالعكس، أنا خايف عليه من نزعتنا الشهيرة في تقديس وتصنيم الأشخاص، اللى عادة ما يليها نحرهم وسحقهم عند أول خطأ أو أول تقصير.. ومشفق جدًا عليه من الحمل النفسي التقيل الموضوع على أكتافه.. وزلازل وبراكين المشاعر المتتالية اللى بتحصل جواه بشكل غير طبيعى وغير معقول”.
وتابع، “أنا كاتب الكلام ده علشان أقول إنه دايمًا فيه أمل.. مهما كان الفقد.. ومهما كانت الخسارة.. وإنه دايمًا فيه مخرج.. مهما كانت الطرق مسدودة.. أو تبدو كذلك.. وإنه دايمًا فيه فرصة.. حتى لو كانت الأخيرة.. الأبحاث والكتب تقول مهما تقول.. والمعامل وأنابيب الاختبار تصنع أفضل النتائج.. والأدوات والتقنيات الحديثة تصل لآخر مدى.. لكن.. يبقى عامل واحد في المعادلة ممكن يقلبها رأسًا على عقب.. عامل لا يخضع لكتاب.. ولا تحبسه أنبوبة اختبار.. العامل ده هو الإنسان.. العامل ده هو أنت.. أنت العامل الوحيد المؤثر في معادلة الأمل”.