– السلام عليكم..
أرجو من حضرتك الاهتمام واعطائى المشوره لانى بالفعل محطمه ويمكن كلمات حضرتك تنقذنى من الألم اللى انا عايشاه..
باختصار انا اعمل (كذا)، من أسره ملتزمه وراقية.. متزوجة من ١٥ سنه وعندى ٣ أولاد. زوجى يعمل بالخارج ببلد عربى تزوجته وسافرت معاه و(كان بيمثل ليا كل شيء).
فى الغربه بدأ تدريجيا (يغير فى شخصيتى تماما، وأنا لم أعترض أبدا على اى شىء).. من الاخر شكلنى زى ماهو عايز وافقدنى الثقه فى نفسي وأصبحت مترددة وخايفه من كل شىء، ومابقيتش عارفه اتعامل مع اى موقف، وأحس ان كل تصرفاتى غلط لدرجه انى بقيت بتلعثم فى الكلام واحيانا مش بعرف اقول جمله مفيده..
من ٣ سنوات زوجى نزلنى مصر انا والاولاد فقط بحجه انه مش عارف يحوش وهو لازم يستفيد من الغربه عشان يأمن مستقبل الاولاد لكن انا كنت رافضه انزل لكن (هو طبعا لا يهتم برأي) وأصر انه ينزلنا مصر ودايما كنّا على خلاف عشان الموضوع ده..
من اكتر من سنه اكتشفت انه بيخونى على النت مع بنات اجانب، وبعدها اكتشفت انه اتجوز عليا واحده تانية وحملت منه.. فى البدايه (انهرت لدرجه انى اشتريت كفن) ليا لانى كرهت الحياه، احيانا كان بيتهيألي ان عربيه هاتخبطنى وانا ماشيه فى الشارع وأموت وارتاح واحيانا اخرى بيتهيألي ان اولادى هايعملوا حادث ويموتوا وتنتهى صلتى بيه للأبد..
بعد شهور هديت و(حاولت أرضى بالأمر الواقع عشان خاطر اولادى)، وطلبت منه انه يعدل بينا رفض وقال انا مسافر وعلى حسب ظروفى..
استخرت كتير وقررت انى انفصل عنه.. أنا لِسَّه لم انفصل بعد واحنا فى مشاكل تخص الماديات عشان هو مش عايز يصرف كويس على اولاده ومش عايز يدينى مستحقاتى كامله..
بس انا مصره على الطلاق..
السؤال دلوقتى: هل قرار الطلاق سليم من منطلق انى لازم اقول لا على وضع انا كرهاه ؟
السوال التانى: هل بعد الانفصال أدفن شبابى وارفض الارتباط باى رجل تانى واعيش بس عشان اربى اولادى وآشيل الشيله كلها لوحدى وفى الاخر كل واحد منهم يشوف مستقبله وابقى انا وحيده ؟ أنا خايفه انى لو ارتبطت ياخد اولادى منى ويحرمنى منهم وساعتها أندم ندم شديد ومفيش اى حاجه هاتعوضنى عن بعد اولادى، مع العلم انى بتمنى يكون ليا حياه طبيعية مستقره بعد ماتحرمت من الاستقرار الاسرى بسبب انه انسان انانى مافكرش غير فى نفسه !!!؟
حاسه ان حياتى محطمه أو حاسه انى جسد بلا روح.. مشتته وتعبانه نفسياً.. مش عارفه أهتم باولادى كويس او أحن عليهم لانى انا نفسي محتاجه اللى يهتم بيا ويحن عليا..
أرجو مشوره حضرتك لانى فعلا محطمه نفسياً..
– أختى العزيزة..
فى الحالات اللى زى دى مهم جداً إنى أسمع الطرف التانى.. ولكن بما إن ده غير متاح الآن.. فإليك رؤيتى اللى ممكن تكون قاصرة..
اتألمت جداً لحكايتك.. اللى كل تفصيلة فيها توجع لوحدها..
عاوز أقولك إنى مش أنا (ولا أى حد غيرى) هو اللى هاينقذك من الألم.. اللى هايساعدك وينقذك بجد من الألم هو (انتى).. و (انتى فقط)..
انتى مش محتاجة إذن علشان تعيشى.. وماينفعش تفرطى فى حقك الإنسانى فى حياة زوجية كريمة على الإطلاق..
احنا بنتجوز علشان نحيا (مش بس نعيش).. مش علشان نموت بالحيا..
من حقك تحسى فى حياتك الزوجية انك موجودة ومتشافة ومتقدرة.. وان شريك حياتك بيحبك ويحترمك ويحترم علاقتكم.. وانه مايعاملكيش بأقل مما تستحقى..
مش من حق شريك حياتك أبداً إنه يعيد تشكيلك كما يرى.. أو تفصيلك على مقاسه.. أو تغيير شخصيتك بأى شكل.. أو حتى طلب ذلك.. زى ماهو ده برضه مش من حقك.. ودى أحد الأخطاء الكبيرة اللى بيقع فيها المقبلين على الزواج.. انى أقرر اتجوز فلانة.. وفى نيتى إنى أغير فيها كذا وكذا بعد الزواج.. لا.. خالص.. اما أن أرضى بزوج أو زوجة المستقبل كما هو/هى.. أو بلاش نشوه ونلخبط فى بعض أحسن..
المشكلة هنا يا صديقتى إنك سمحتيله بده..
أنا مش عاوز ألومك أو أحسسك بالذنب.. بس مهم أشوف مسئوليتى عن اللى أنا فيه وعن اللى وصلتله علشان أقدر أغيره.. وأتعلم منه.. وماكررهوش تانى..
بصى لكلامك اللى أنا حطيته بين الأقواس:
– كان بيمثل ليا كل شيء:
ماينفعش يا صديقتى إن أى حد فى الدنيا يمثل ليكى أو ليا أو لأى حد كل شئ.. دى تبقى علاقة سامة.. علاقة اعتمادية طفولية مضطربة.. معقول أخلى بنى آدم يكون بالنسبة لى هو المصدر الوحيد لكل حاجة! كل شئ! طيب أنا كده هاطلع منه إيه؟ هاحرك فيه إيه؟ هاعمل منه إيه؟ هاعمل منه طبعاً إله بشرى يتعامل معايا بكل فوقية واستعلاء.. لأنه عارف إنه بالنسبة لى (كل شئ)..
– يغير فى شخصيتى تماما، وأنا لم أعترض أبدا على اى شىء:
طبعا دى نتيجة طبيعية للجملة اللى فاتت.. طالما أنا وصلَّتله إنه بالنسبة لى كل حاجة.. يبقى هايدى لنفسه الحق تانى يوم إنه يحركنى زى الماريونيت.. ويشكلنى على مزاجه.. ويقصقص ريشى بلا رحمة.. خاصة إنه شايف قدامه حد (لا يعترض أبداً)..
– هو طبعاً لا يهتم برأيي: طبعأً..
– انهرت لدرجه انى اشتريت كفن:
أقدر جداً تعبك وانهيارك.. لكن رد فعلك بإنك تشترى كفن هو حلقة جديدة فى مسلسل انك خليتي زوجك هو المصدر الوحيد للحياة.. واستمرار حثيث لتسليمه كل مفاتيح نفسك وروحك وحياتك..
– حاولت أرضى بالأمر الواقع عشان خاطر اولادى:
هنا بقى فيه حاجتين.. الحاجة الأولى هى هذا الإصرار الرهيب على الخضوع للى بيظلمك والاستسلام الغريب لقهره وجبروته.. أنا متفهم طبعاً رغبتك فى الحفاظ على بيتك وأولادك.. بس فى الحقيقة انتى كده ولا بتحافظى على بيتك ولا على أولادك.. انتى بتحافظى على مجموعة من الجدران المهترئة والأعمدة المنخورة بالسوس، بلا سقف من الأمان.. وبلا حتى باب للحماية..
الحاجة التانية.. هى إن الوضع الحالى بيؤذى الأولاد أضعاف أضعاف ما يمكن أن يسببه الطلاق.. علشان اللى بيوصل للأولاد دلوقت هو صورة مشوهة عن معنى الزواج ومعنى الحب ومعنى الأبوة ومعنى الأمومة.. وده مش هايعمل منهم غير نسخ مكررة من الحكايات البائسة اللى بنشوفها ونسمعها كل يوم.. الأولاد على فكرة بيكونوا حاسين وفاهمين ومدركين كل حاجة.. وبيكونوا من جواهم بيتمنوا انفصال الأب والأم علشان يترحموا من صراعاتهم الداخلية ورعبهم وخوفهم ويأسهم اللى بيتجدد كل يوم.. علشان كده أنا بارفض تماماً استمرار أى زواج تحت ادعاء (علشان خاطر الأولاد).. وان دى تكون الشماعة اللى نعلق عليها عدم رغبتنا فى التغيير والمخاطرة وتحمل المسئولية (الحقيقية).. وبعد كده ندفعهم التمن.. ونحسسهم بالذنب إنهم كانوا السبب فى العمر اللى ضاع فى الظلم والقهر وسوء المعاملة..
طبعاً ماينفعش أنا ولا غيرى ياخد أى قرار بالنيابة عنك.. خاصة وانتى بتقولى إنك مصرة على الانفصال.. لكن اللى أقدر أقولهولك وبكل وضوح إن قدامك -فى رأيي- ثلاث اختيارات.. كل اختيار فيهم ليه تمنه..
الاختيار الأول: هو انك تستحملى الوضع اللى انتى فيه، وماتشتكيش بعد كده.. وده تمنه إنتى عارفاه ومجرباه كويس..
الاختيار التانى: هو إنك تصرى بكل شجاعة وحسم على حقك.. يعنى تشترطى علشان تكملى معاه كل الشروط اللى تضمنلك حياة محترمة وكريمة.. مش نصف حياة.. مش ربع كرامة.. مش تلت احترام.. وطبعاً يكون من ضمن هذه الشروط خضوعكم انتم الاتنين لمشورة ومتابعة زواجية لفترة طويلة من متخصص.. ولو رفض، يبقى الاختيار التالت..
الاختيار التالت: وده فيه بعض الستات بتختاره وتنفذه فوراً وبلا تردد.. وبيقولوا إنه حتى لو اتغير، خليه يتغير لنفسه.. أنا خلاص نفسي قفلت منه ومش مستعدة أكمل.. وده طبعاً تمنه بعض الشعور بالوحدة، وبعض الألم، وانك هاتشتغلى (انتى قولتى انك بتشتغلى بالفعل)، وهاتتحملى مسئولية نفسك وأولادك.. وهاتطالبى بحقك فى إنه يصرف على أولاده بكل الطرق المتاحة..
أما بعد الانفصال (لو كان ده قرارك واختيارك)، فطبعاً من حقك تعيشى حياتك وتستمتعى بيها.. خدى وقتك فى التعافى من هذه العلاقة المؤذية، ومافيش مانع من رحلة علاجية نفسية قصيرة، ثم افتحى باب الزواج مرة أخرى.. بس بعد ما تكونى اتعلمتى من اللى فات، واتغيرتى، وغيرتى نوعية اختياراتك.. لكن أبداً ماتدفنيش نفسك واحتياجاتك بالحيا.. وماتوقفيش الزمن عند النقطة دى من حياتك.. واوعى تعيشى ميتة مرة أخرى تحت يافطة (علشان خاطر الأولاد) أو غلطة (هما بيمثلوا ليا كل شئ) تانى.. بالعكس.. اللى يفيد الأولاد وينفعهم ويكبرهم ويعلمهم ويساعدهم على النضج النفسي السليم هو إنهم يشوفوا أمهم بتسمح لنفسها بالحياة، مش بتموت نفسها باسمهم.. وانها بتدى لنفسها فرصة جديدة، مش بتيأس وتستسلم وتنطفى.. وانها بتتألم وتتجاوز الألم، علشان هما كمان يقدروا يتجاوزوا الألم.. وانها رافضة تعيش دور الضحية المستكينة المغلوبة على أمرها.. مش بتسعى ليه سعياً..
ووقتها.. وبكل إيمان بالله وتسليم بأقداره.. لو أبوهم طلب ياخدهم اديهومله (ده لو القانون سمح)..غالباً هايتخض ويخاف ومش هايستحمل ويرجعهوملك، أو هايتعلم يبقى أب بجد.. بلاش ده يكون الكارت اللى بيلاعبك بيه.. أو الحبل اللى بيلفه حوالين رقبتك.. وخليكى فاكرة دايماً إن ربنا موجود.. وانك مش ربنا. وان أم موسى ألقته فى البحر، والتقطه آل فرعون بكل ظلمهم وجبروتهم.. لكن ربنا حفظه ورعاه ولم يتخل عنه ولا عنها..
وخلى بالك إن فيه أمهات كتير بتصر بعد الانفصال أو وفاة الزوج على عدم الزواج مرة أخرى، وعدم فتح أى باب للحياة، وعدم أخذ أية فرصة جديدة.. تحت إدعاء (علشان خاطر الأولاد)، و(الناس هايقولوا إيه).. و(مين هايرضى بيا).. وغيره.. مع إن الأولاد بيكونوا فعلاً محتاجين أى نموذج أو صورة أو حتى خيال (لأب).. وبعد ما السنين تعدى.. والعمر يقرب يخلص.. تبدأ تلومهم وتؤنبهم وتحسسهم بالذنب لأنها ضحت بنفسها علشانهم، وحرمت نفسها من أجلهم.. وضيعت حياتها عليهم.. وتبقى مستنية منهم (هما) إنهم يلبوا احتياجاتها اللى (هى) أنكرتها على نفسها.. وطبعاً فيه مجتمعات كاملة بتمجد هذه الصورة وتقدسها.. وتمنحها جايزة (الأم المثالية).. إوعى تقعى فى الفخ ده..
أختى الكريمة..
بوضوح شديد.. واختصار أشد.. أنتى فى مفترق طرق وعليكى أن تختارى بين الموت.. وبين الحياة..
من فضلك..
اختارى الحياة..
د. محمد طه