مساء الخير يا دكتور..
أنا من أشد المعجبين بمقالات حضرتك وكتبك اللى بتبهرنى طول الوقت، وبارجع أقراها أكتر من مرة..
كان عندى سؤال مهم بالنسبالى جدًا..
إزاى حد يتربى فى أسرة منقسمة وبينها مشاكل كتير، ويقدر يطلع سوى ويبنى عيلة كويسة؟ أو بمعنى تانى: إزاى فرد من أسرة غير سوية يقدر يبنى أسرة سوية؟
أرجو أن تهتم بسؤالى لأنه مترتب عليه حاجات كتيرة أوى قدام..
أخى العزيز..
من نعم ربنا علينا إن المشاكل النفسية واضطرابات الشخصية والسلوك لا تحددها فقط طريقة التربية وجو البيت ونوعية العلاقات داخل أسرة المنشأ.. الحاجات دى وإن كانت مهمة.. إلا أنها تمثل عاملا واحدا فقط من عوامل كثيرة متعددة..
فيه استعداد شخصى.. فيه درجة ذكاء الابن أو الابنة.. فيه توقيت الميلاد.. فيه وجود أو عدم وجود دعم نفسى من أطراف أخرى.. فيه مدى المرونة والصلابة النفسية.. وفيه عوامل جينية ووراثية.. وحتى دى قابلة للتعديل والتغيير فيما يسمى (بالتعبير الجينى Gene Expression).. يعنى حد عنده بالفعل جينات المرض النفسى.. لكنها قد تعبر أو لا تعبر عن نفسها تبعا لعوامل مختلفة وشديدة التعقيد..
مهما كانت الصعوبات فى التربية يا صديقى.. ففرص التربية الذاتية خلال العمر لا تنتهى..
ومهما وصل من رسائل نفسية مشوِّهة فى الصغر.. ففطرتنا الإنسانية ليست دائما هشة ورقيقة..
ومهما كانت جراح الطفولة وآثارها.. فأنفسنا لديها القدرة على التداوى والالتئام كأجسادنا تماما..
الوعى يغير.. العلاقات الطيبة تساعد.. والعلاج النفسى يشفى ويداوى..
ماتسجنش حد فى تاريخ أسرته.. علشان ماتسجنش نفسك فى مخاوفك منه..
دعواتى معك..
د. محمـد طــه