أنا عندى 19 سنة، وبابا من وأنا صغيرة دايما حابسنى، مش بيرضى يخلينى أخرج خالص، لا مع صحابى ولا حد من قرايبى، وطول الإجازة مش باخرج من البيت إلا بمعجزة، ونادر جدا. ودايما بيشوف نفسه هو الصح، عمره ما سمع من حد، ولا بيقتنع غير باللى هو عايزه. وماما مش بتتدخل فى أى حاجة، بتسمع الكلام وهى ساكتة وخلاص. وحتى مش بتهتم بيا زى أى أم. ممكن أقعد أيام ماخرجش من أوضتى، ولا بتهتم عادى جدا. حاولت انتحر مرتين بس ماموتش. وبجد تعبت جدا، وخلاص معدش عندى لا أمل ولا طموح ولا طاقة ولا أى شىء. أرجوك تساعدنى وتقولى أعمل إيه.
ــ ابنتى العزيزة..
بكل أسف.. كتير من الآباء والأمهات بيتصوروا إنهم لما يمنعوا بناتهم من الخروج من البيت، أو من استخدام الموبايل، أو من التواجد وسط الأصحاب، فهم كده بيحموهم من الوقوع فى أى خطأ أخلاقى أو مجتمعى أو دينى.. لكن الحقيقة هى إن ده:
أولا: مش بيمنع ولا هايمنع أى خطأ أخلاقى أو مجتمعى أو دينى على الإطلاق.. اللى عاوزة تعمل حاجة غلط هاتعملها، وهى فى بيتها، وفى أوضتها، وعلى سريرها.
ثانيا: بيُفقد البنت ثقتها فى نفسها تماما، ويجعل صورتها الذاتية عن نفسها أنها دايما محل شك، وسبب مصيبة، ومشروع فضيحة.
ثالثا: بيتسبب فى كمية هائلة من الغضب داخل البنت، والغضب ده بيكون ليه واحد من ثلاثة مخارج يعبر عن نفسه من خلالها: مقاومة هائلة وعناد شديد وسوء معاملة (للأهل).. أفعال مؤذية (للنفس) كالفشل الدراسى أو تشويه الجسد أو السلوكيات الانتحارية.. أو يتم توجيهه ــ بشكل واعى أو غير واعى ــ ناحية (ربنا)، فى صورة أفكار غريبة وممارسات خاطئة.
عاوز أقولك: أرجوكى.. بلاش تكون كالقنبلة الموقوتة اللى ممكن تنفجر فى أى لحظة فى نفسها قبل أى أحد آخر.. اطلبى من أحد أقاربك الموثوق فيهم التدخل، اذهبى إلى طبيب نفسى يساعدك ويساعد والديك.. اتصلى بالمجلس القومى للمرأة لحمايتك من هذا الحبس المنزلى.
وعاوز أقول لأهلك: حماية بنتكم مالهاش أى سكة غير حبكم ليها، وقربكم منها، وسماعها واستيعابها واحتوائها.. تربيتها السليمة تعيش داخلها، وتخرج معها إلى الشارع، وليس مقرها حجرتها المغلقة.. إنقاذها الحقيقى من خلال حريتها المسئولة، مش من خلال قسوتكم غير المسئولة.
ابنتى.. أنت من الآن أمانة فى عنق نفسك.. احمليها بشرف وشجاعة.. ولا تؤذيها طرفة عين..
ربنا معاكى..
د. محمد طـه