د. محمد طه.. أنا بعت لحضرتك مشكلتى من بضعة أيام وأنا فى غاية الانتظار أن تقرأها وتقولى رأيك.. أنا كل يوم بدخل على الموقع وأشوف حضرتك رديت عليها ولا لسه.. رجاء أنا فى غاية الحاجة لردك على مشكلتى وتحللها وتحلها بطريقتك المبسطة الجميلة، والتى دائما ما أشعر من طريقتك فى الرد على المشكلات إنك حاسس بصاحبها وكأنك الشخص ذاته.. رجاء الرد على مشكلتى فى القريب العاجل قبل فوات الأوان بالنسبة ليا.. لأنى أشعر أننى سأتلقى رسالة الهية عن طريقك.. ويكون ليا الشرف وحسن الحظ لو وافقت إننا نتحدث بشكل مباشر من خلال مقابلة أو محادثة هاتفية أو كتابية.. فى انتظارك..
عزيزتى..
رسالتك خضتنى جدا.. لأنها ببساطة وضحت لى ببساطة شديدة إنك مش شايفانى.. ولا عارفانى.. ومش عايز أقول ولا كمان محترمانى.. خلينى أقولك ليه بالراحة..
أولا يا سيدتى.. الرد على أى استشارة من جانبى هو مش حل.. وماينفعش يكون حل على الإطلاق.. هو مجرد رأى.. ورأى قاصر جدا.. واحتمالية خطأه تعادل تماما احتمالية صوابه.. واحتمال كبير هذا الرأى نفسه يتغير بعد شوية.. أو لو شوفت الموضوع من زاوية أخرى.. أو لو سمعت الطرف التانى من الحكاية..
ثانيا.. مافيش أى إجابة شافية ماتكونيش انتى جزء منها.. ومافيش أى حل حقيقى لا ينبع من داخلك انتى فى الوقت المناسب لك.. والظروف المواتية لك.. وبالقدر المناسب لك.. كل ما عدا ذلك هى اقتراحات.. ومشورات.. ومحاولات..
ثالثا.. لا أنا ولا غيرى من البشر ــ سوى الأنبياء ــ يحملون أو ينقلون أى رسائل الهية.. مافيش حاجة اسمها كده.. ده ظلم شديد ليكى وليا ولأى حد انتى ممكن تضعيه فى هذا الموقف.. وده ممكن يفتح باب الاعتمادية الشديدة من جانبك.. والاستغلال الشديد من جانب من قمتى بتقديسه لهذا الحد.. من غير ما تشوفيه على إنه بنى آدم.. زى أى بنى آدم..
أختى الكريمة.
أنا بشر.. أخطئ وأصيب.. وياما أخطأت.. أضعف وأقوى.. وياما ضعفت.. أجتهد وأتقدم وأتراجع.. وياما تراجعت..
من فضلك.. شوفينى كما أنا.. مش أكبر من حجمى.. اعرفينى بحدودى ومحدوديتى.. احترمى ضعفى وخطأى وعجزى وفشلى أحيانا.. هى دى الرؤية الحقيقية.. والمعرفة الحقيقية.. والاحترام الحقيقى..
أرجوكى.. وأرجو من كل من يقرأ لى أو يتابعنى أن يعى هذا الكلام.. ويحررنى من سجون التقديس والتنزيه الظالمة..
بعد كل ده.. أنا رجعت لرسالتك اللى أشرتى إليها.. ولقيتك كاتبة فيها:
«أنا 22 سنة.. من سن إلا شوية أيام حصل موقف بينى وبين صاحبة عمرى، وهى قررت تقطع علاقتها بيا.. هى كانت بالنسبالى كل حاجة.. الأم والأب والأخت والصديقة.. اكتفيت عن الدنيا بيها.. كانت لى كل حاجة…………………… حاسة إنى محبوسة ف سجن ذكرايات.. حقيقى أنا تعبت جدا.. ونسيت أقولك أنا فى أول الشهور الأولى من الفراق من كتر ما أنا كنت حاسة إن حياتى واقفة وإنى مش قادرة أمشى خطوة واحدة ولا عاوزة من غير ما هى تكون معايا كان ديما على بالى إن الحياة كده مفيش منها فايدة، والانتحار لولا إنه حرام كان زمانى أخدت الخطوة دى من زمان.. يا دكتور أنا بكلمك ونفسى تقولى على حل يريح قلبى.. أرجو الاهتمام بمشكلتى لأنها بالنسبالى أكبر من كونها مشكلة، أنا عمرى بيعدى من قدامى وفى وجع كل يوم.. ممكن ترشح لى كتب أقراها مثلا فيها جزء من الحل، أو تمرين معين أو أى حاجة فيها العلاج ليا.. شكرا».
عزيزتى..
أرجو أن يتضح لك الآن إن مشكلتك مع صديقتك وموقفك منها هى نفس مشكلتك وموقفك منى.. التقديس والاعتمادية الشديدة.. ولو ماتعالجتش بشجاعة ومثابرة.. هاتكون هى هى نفس مشكلتك وموقفك من خطيبك ثم زوجك ثم أولادك..
علاجك مش فى كتاب تقرأيه.. ولا فى تمرين تعمليه.. علاجك الحقيقى هو إنك تتوجهى الآن لطبيب أو معالج نفسى مختص، يبدأ معاكى رحلة علاجية حقيقية وصادقة.. وأنصحك ــ بعد استئذان طبيبك أو معالجك ــ أن تلتحقى بمجموعة علاجية Group Therapy، بدلا من العلاج الفردى Individual Therapy.. وأن تقتصر علاقتك بزملائك فى المجموعة على علاقتك العلاجية بهم داخل غرفة العلاج فقط دون تكوين أى صداقات خارجية معهم.. لمصلحتك ومصلحتهم..
كلامى قد يكون حادا.. لكنه رؤية ــ أرجو أن تكون مفيدة ــ للجانب الآخر من حكايتك والمستوى الأعمق لسؤالك..
نحتاج أحيانا إلى مقص حاد.. نقطع به خيوط الاعتمادية.. قبل أن تتحول إلى أحبال سميكة.. تخنق كل الأطراف..
شكرا لك.. وكل تحياتى واحترامى..
د.محمــد طــه