مقابلة الأستاذ..
بعد ما قررت تلبى النداء.. أو تستسلم للمصادفة.. أو تقبل دعوة الأقدار غير المنتظرة ولا المتوقعة ليك..
بعد ما حطيت رجلك على طريق مش متأكد من ملامحه.. ولا تعرف حاجة عن منحنياته أو منخفضاته..
بعد ما قررت تمشى خطوتك الأولي فى اتجاه مش معاك بوصلته.. وشنطتك مافيهاش غير احساس صادق.. وعلامتين استفهام: أنا مين؟ ورايح فين؟
فى اللحظة دى يظهر فى حياتك الأستاذ.. المعلم.. الدليل.. اللى هايقدم ليك يد المساعدة الأولى.. ويفتح عينيك على نقط قوتك الحقيقة.. اللى انت ماتعرفهش عنها حاجة..
الشخص ده غالبا هايشوفك قبل ما تشوفه.. وهايقرا جواك أوضح ما انت شخصياً قارى جواك.. وهايصدق فيك أكتر ما انت مصدق فى نفسك.. هو ببساطة.. هايعرّفك على نفسك من جديد..
بيسموا الخطوة دى فى رحلتنا: (مقابلة الأستاذ).. Meeting the Mentor وبتيجى فى الترتيب الرابع بعد وجودك العادى فى عالمك (Ordinary world)، ثم تلقى النداء(Call for adventure)، وفترة التردد أو التخوف المبدأى Refusal of the Call.
شوفت فيلم…..
استنى يا دكتور.. انت ايه حكايتك مع الدراما والأفلام؟ ليه أسهل وأول حاجة عندك تجيب أمثلة منهم؟ انزل بينا على أرض الواقع يا دكتور الله يكرمك..
فيه اجابتين للسؤال ده.. الإجابة السريعة السهلة.. هى ان الدراما بتورى الصورة بشكل أكبر وأوضح.. وبحجم يسهل رؤيته وفهمه.. زى الميكروسكوب بالظبط.. يعمل زووم لغاية ما تشوف وتدقق وتلقط التفاصيل.. وبعدها ترجع تشوف وتفهم العالم بشكل مختلف.
أما الإجابة الأصعب والأغرب.. هاقولهالك بعد شوية.. لانها دلوقت ممكن تخضك بجد.. وتغير رؤيتك لحاجات لا تتخيلها..
نرجع للأستاذ.. المعلم.. المُلهِم..
شوفت فيلم The Karate kid.. ؟ ده المدرب اللى صدق فى الولد.. ودربه.. وصقل موهبته..
هو كمان (مورفيوس).. فى فيلم ماتريكس..
هو برضه (محسن ممتاز).. فى مسلسل رأفت الهجان..
و(دامبلدور) فى هارى بوتر.. وجندولف فى (مملكة الخواتم)..
وغيرهم كتير..
الأستاذ ده بيديك من خبرة حياته ومن معرفته بسخاء شديد..
بيتحدى مجهودك وامكاناتك .. علشان يجيب اخر ما عندك.. ويخليك تكتشف قدراتك اللى انت مش مكتشفها..
بيتعامل معاك بحكمة شديدة.. وبيلقنك دروس حياتية مهمة جداً.. تساعدك فى تجاوز رحلتك..
وغالباً بيكمل معاك لآخر الرحلة.. إما بنفسه شخصياً.. أو بصوته الملهم داخلك..
الأستاذ ده ممكن يكون أحد مدرسينك أو أساتذتك فى أى مرحلة من دراستك..
ممكن يكون مرشدك الروحى.. شيخك..
ممكن يكون مدربك فى فريق الكورة أو السباحة..
ممكن يكون مديرك فى شغلك..
وطبعاً ممكن يكون أبوك.. أو أمك..
وأكيد ممكن يكون نبى.. رسول.. رجل صالح..
بس خلى بالك.. مش أى مدرس قابلته، أو مدرب دربك شوية، أو شيخ مشيت معاه فى وقت من حياتك، تقدر تعتبره أستاذ أو معلم أو دليل فى رحلتك..
الأستاذ ده حد بيكتشفك.. وينحتك.. ويطلع منك أحسن ما عندك.. فى اطار علاقة انسانية فريدة.. مالهيش مثيل فى حياتك قبله.. ولا بعده..
بيكبرك.. ويفرد طولك.. ويشد ضهرك.. مش بعلمه أو خبرته أو رؤيته فقط.. دول موجودين عند ناس كتير.. لكن هو بيديك العلم وعينيه مليانة حب.. ويديك الخبرة ونبرة صوته مليانة إخلاص.. و يسلمك راية نفسك وإيديه ماليها الأمل.
مش بيخاف منك.. بيخاف عليك.. من غير ما يسجنك فى الخوف..
مش بيحس بالتهديد من انك تكبر.. بيحس بالفرحة والفخر لما يشوفك بتنافسه وتتفوق عليه..
مش شايف فيك نفسه.. مش عاوزك تبقى نسخة منه.. مش عاوز يعوض اخفاقاته بنجاحاتك..
هو شايف فيك نفسك.. لنفسك.. فقط..
بيهذبك.. ويجهزك.. ويكبرك.. على مستويات كتير جداً..
على المستوى العقلى..
على المستوى البدنى/الجسدى أحياناً..
وعلى المستوى الروحى غالباً..
اللى درسوا الخطوة دى، قدروا يحددوا خمس أنواع من الMentor اللى بيظهر فى أول الرحلة.. ممكن تقابل واحد منهم.. ممكن تقابلهم كلهم.. وممكن تقابل واحد (بيهم كلهم)..
الأول هو الدليل Guide.. اللى بيوصفلك الطريق.. ويكشفلك متاهاته.. ويقودك بين مخاطره وأفخاخه.. يعرفك السكة.. يرسملك الخريطة.. ويرافقك خطوة بخطوة.. على الأقل فى الأول.
التانى هو المدرب Trainer.. ده اللى بيعلمك ويشجعك ويصقل معرفتك وقدراتك.. لأنه خاض الرحلة قبلك.. وعرف أولها من آخرها.. وشاف صعوباتها وأهوالها.. ممكن يكون نجح.. وممكن يكون ماكملهاش.. لكنه قرر يساعد غيره إنه يكملها..
الثالث هو الأب أو الأم.. وهنا بيكون فيه رابط عاطفى قوى جداً بينه وبينك.. ممكن يكون نقطة قوة.. وممكن يكون نقطة ضعف وقت الصراع واختلاف الرأى.
النوع الرابع هو المرشد الروحى Monk.. وده ممكن يكون شيخ.. كاهن.. نبى.. رجل صالح.. ده اللى بيساعدك تنقى روحك.. وتصفى وجدانك.. بيصالحك مع نفسك.. ويطهر قلبك من صراعاته اللى واقفة بينك وبين الحياة .. يرتبت على كتفك وسط رياح الحياة.. ويفتح عينك على المصدر الحقيقي لكل المعارف والنبع الحقيقي لكل الطاقات.. انت.. جواك..
النوع الخامس والأخير هو الناصح.. أو المُشير Counsellor.. وده اللى بتلاقيه وقت ما تكون محتار.. وتلجأله وقت ما تحس انك تايه أو فاقد الاتجاه.. يديك نصيحة.. يقولك رأي.. يوريك اختيارات ماكنتش شايفها.. يشير عليك مشورة صادقة تفتح قدامك بعض الأبواب المغلقة..
طبعا بقى واضح دلوقت ان الأستاذ ده ممكن يكون شخص.. ممكن يكون كتاب.. ممكن يكون سيرة عطرة..
ممكن يكون حد سمعت عنه وماشوفتهوش.. ممكن يكون شخصية عامة ملهمة.. ممكن يكون ناس كتير جداً..
هو الحاج (سردينة).. معلم (عبدالغفور البرعي) فى (لن أعيش فى جلباب أبى)..
وهو الشيخ (مدين).. شيخ (عرفات) فى (جزيرة غمام)..
وهو (أبو محمود) فى (واحد من الناس)..
وهو (شمس التبريزى) فى (قواعد العشق الأربعون)..
وهو كل اللى هايجي فى ذهنك دلوقت..
هو الراجل الحكيم أبو شعر أبيض فى كل الحكايات والأساطير..
هو الصوت الملهم اللى بيطلع من جوا البطل فى كل قصص البطولات..
هو العراف.. والعراب.. والأب الروحى..
اللى بيحررك من خوفك وترددك..
واللى بيمنحك أدوات الرحلة..
ويسلمك تعويذة النجاة..
ويقولك.. انت دلوقت جاهز..
لبدء رحلتك.. نحو الكنز..
اللى مش هاتصدق في الآخر..
هو إيه..

د. محمـد طـه