دي بعض إجابات الناس عن سؤال على صفحتى: إيه الصورة أو المواصفات اللي بتيجي في ذهنك أول ما تسمع كلمة «الأم المثالية»؟:
– أُم من غير راجل حتى لو عايش.
– المُتفانية المُضحية.
– أُم بتعرف تدّي ولادها كل حاجة.
– أُم لوحدها تحدّت ظروف صعبة، وربّت أبناءها تربیة سلیمة عوّضتهم فقدان الأب.
– كريمة مختار.
– التضحية، الاحتمال، العزيمة.. مسئولية كبيرة.. وجه كبير في السن مُبتسم.
– أمي.. باشوفها مثالية.. بتعمل كل حاجة علشانا وعلشانا وبس.. وبتضحي حتى بصحتها.
– واحدة جوزها ميت وبتربي عيالها لوحدها.
– الأم المثالية بالنسبالي مش صورة «أم» محددة، لكن صورة أولادها.
– أي أم بتضحي براحتها ووقتها وعُمرها علشان ولادها.
– الست المطحونة اللي بتشقى على عيالها، وفي الغالب زوجها مُتوفي أو مريض، عاشت حياتها تربي عيالها وتعلّمهم وتصرف عليهم.
– إنكار الذات والاحتواء.
– أم ضحّت بحاجات كثيرة واستحملت واتنازلت علشان أولادها.
– واحدة ست فقيرة ومش مُتعلمة، ضحّت عشان ولادها على حساب نفسها، عشان تعلّمهم وتلبّسهم.. واحد منهم لازم يكون دكتور.. والتاني ظابط.. والتالت مهندس.
– الأم المُضحية من أجل أولادها، اللي بتحرم نفسها من أي شيء عشان خاطرهم، وخصوصًا لو مافيش أب يشيل معاها المسئولية.
– الشمعة التي تحترق من أجل الآخرين.
– الأم اللي بتحرق نفسها وتضحي عشان الكل.
– أرملة أو مُطلقة عاشت لولادها بس، ودخّلتهم كليات «قمة».
***
إيه رأيك؟
فيه كام حد جاب سيرة «الأم اللي بتحب نفسها»؟
كام مرة ذُكرت كلمة «تحافظ على صحتها»؟
مين قال «الأم اللي تحقق ذاتها»؟
عارف لو انت شخصياً سألت نفسك نفس السؤال هايحصل إيه:
هتلاقي صورة ذهنية واحدة «غالبًا» نطّت في مُخيلتك.. واحدة ست.. كبيرة في السن.. أرملة أو مطلقة.. ربّت عيالها لغاية ما كبروا واشتغلوا واتجوزوا وخلفوا.. مع بعض التنويعات والتباديل والتوافيق..
تاني..
واحدة ست.. تكون قررت بعد ظروف قاسية.. إنها تنكر احتياجاتها الإنسانية والنفسية الطبيعية.. وتعيش علشان حد غيرها..
واحدة ست.. دفنت بعض أجزائها النفسية حية.. وفوّتت على نفسها فرص حقيقية لحياة أفضل هي ومَن تعول..
واحدة ست.. نسيت إنها ست.. إنسانة.. أنثى.. لها حقوق..
يعني أنت عايزها تشوف نفسها وتسيب عيالها يا دكتور؟
يعني تتجوز وتهملهم؟
تستمتع بالحياة وتنساهم؟
الاستغراب والاستنكار والأسئلة دى كلها، وراها حاجة مهمة جدًّا، اسمها «القالب الذهني المجتمعي»..
***
مجتمعنا- زي أي مجتمع- عمل قوالب ذهنية لبعض المعاني.. ومنها معنى «الأم المثالية».. اللي هي طبعًا أحد مشتقات «المرأة».. وانتم خلاص عرفتوا بقى يعني إيه «امرأة» في مجتمع ذكوري..
امرأة يعني حد بيضحي بكل شيء وأي شيء علشان رضا وسعادة ومتعة وانبساط الرجل.. حد مالهوش أي حقوق في الحياة إلا بعد أكل وشبع ونظافة وتنظيم وتجهيز وتدليع الرجل.. امرأة يعني انسحاق وذُل وموت نفسي بطيء.. وحتى لو خان أو مات أو طلّق هذا الرجل.. فمن الواجب «مُجتمعيًّا» عليها إنها تستمر في مسلسل التضحية والتفاني وإنكار الحقوق الإنسانية البسيطة على نفسها، علشان في الآخر نصقف لها ونقول لها برافو.. ونسميها «الأم المثالية»..
طيب والست اللي بعد ما جوزها يموت تتجوز تاني؟ دي ست مش محترمة..
والست اللي بعد ما تطلق تشوف لنفسها عريس؟ دي ست لامؤاخذة..
والست اللي تحب تعيش الحياة؟ دي مستصغرة نفسها..
أنا عمري ما سمعت في أي بلد في الدنيا عن حاجة اسمها مسابقة الأم المثالية.. (The Perfect Mother)، وآخر ما أعلمه من توصيف نفسي للمثالية (Perfectionism) هي إنها شكل من أشكال الانتحار..
الأم اللي تدي نفسها الحق في الحياة، وماتطفيش نفسها لأي سبب من الأسباب.. هي في الحقيقة أم جديرة بالاحترام..
والأم اللي ما تنساش إنها أنثى ليها احتياجات وحقوق.. هي أم جديرة بالتقدير..
والأم اللي تعلّم أولادها إنه ما ينفعش تدفن نفسها بالحياة علشانهم ولا علشان أي حد، هتطلّع أجيال برضه ماتدفنش نفسها بالحياة ولا تسمح لحد إنه يدفنها بالحياة.. بدلًا من المفهوم المتوارث للمرأة الطيبة والأم المثالية على إنها «ضحية» أجادت «التضحية» بنفسها.. ووصّلت لأولادها وبناتها معنى غلط للأمومة، ومفهوم خطأ للأنوثة، وصورة مُشوّهة للحياة.. وأهلا بيهم كلهم في العيادات النفسية..
بس الذكورية الشرقية المجتمعية تروح فين بقى؟
يعني إيه امرأة حُرة؟ يعني إيه تدي نفسها فُرص جديدة؟ ليه ما تحرمش نفسها من حقها في الحياة؟
يعني إيه واحدة ست ماتبقاش مُكبلة بهموم مَن حولها، ومغلغلة بسلاسل شئونهم وأحوالهم؟
إزاي بنت.. أو زوجة.. أو أم تعيش وتحيا لحسابها.. مش لحساب أبوها وأمها، وبعدين جوزها، وبعدين أولادها؟
إيه بقى الطُّرق اللي نقدر بيها نلبّس هذه الأم الدور ده.. ونقيّفه عليها.. ونخليها كمان تحبه.. وتسعى له؟
أولًا: نبتزها عاطفيًّا.. نفهمها إنها لما تفكر في نفسها تبقى أنانية.. نحسّسها بالذنب لو قالت في يوم «ده حقي»..
ثانيًا: نفهّمها إنها -بإنكارها لذاتها واحتياجاتها وإنسانيتها- بترضي ربنا.. وبتتقرب إليه..
ثالثًا: لما تعمل كده.. نسمّيها «الأم المثالية»..
خلطة سحرية نابعة من عقلية ذكورية بامتياز..
تركيبة نفسية ومُجتمعية تُشوّه أي امرأة باقتدار..
تدوس على نفسها.. ونقول دي «بتضحي»..
تنتحر نفسيًّا ومعنويًّا.. ونصور لها إنها «قدوة»..
تعيش حياتها جافة وحيدة.. ونمنحها شارة «قِدّيسة»..
يا عزيزي..
نحن أمام أكبر عملية تزييف في التاريخ..
أمام خطوات عملية وتفصيلية مُذهلة لصناعة وتعبئة وتغليف الذكورية الشرقية وتوصيلها لكل منزل..
نحن أمام سجن كبير.. من ذهب..
صنعنا قُضبانه- على أعيننا- الواحد تلو الآخر..
ثم حبسنا فيه أمهاتنا..
كُلهن.
***
حد هيسأل: ليه أقول على ده مساهمة في صناعة الذَّكَر الشرقي؟ إزاي الأم دي هتكون شريك في هذه الصناعة؟ فين استفادة الذكور من القصة دي كلها؟
أقول لك..
معنى إن الأم تخرج من هذا القالب المجتمعي السميك، هو إنها تبطل تكون مُرضعة وخادمة وأسيرة في قصر أحد الذكور..
وكونها تتجوز بعد طلاق أو وفاة، أو حتى تفكر في ده من قبيل تلبية احتياجاتها النفسية والعاطفية والجسدية، ده يضعها فورًا في خانة العاهرة بالنسبة لذكور عاوزينها دايمًا في خانة الأم.
الأم اللي تعمل كده هي في الحقيقة بتطلّق كل ذكور المجتمع طلاق بائن، وبتتحلل من بُنوتهم ونكوصهم المرضي للأبد..
صح؟
طب ولما تفضل في القالب ده وما تخرجش منه.. وتكمل إنكار ودفن لاحتياجاتها النفسية والجسدية.. وتستمر في زواجها النفسي من أبنائها.. وتفضل حبيسة سجن «الأم المثالية».. مش تبقى كده بتشارك وتساهم في صناعة الذَّكَر الشرقي؟
آه طبعًا.. وبكل جدارة..
خلي بالك.. فيه تويست لطيف في الحكاية دي.. وهو إن اللي صنع هذه الأم المثالية.. هو المجتمع الذكوري «بنسائه ورجاله».. وإن الأم دي نفسها باللي بتعمله ده، بتساهم في صُنع وتغذية نفس هذا المجتمع الذكوري «بنسائه ورجاله».. حاجة كده تاني زي البيضة والفرخة.. مين بدأ قبل مين؟
والإجابة هي إننا كلنا بنتئذي.. بغَضّ النظر عن مين بدأ قبل مين..
عارف إحنا محتاجين نعمل إيه؟
محتاجين نجيب حفّار صلب متين.. ونحفر في أساسات هذه الذكورية المجتمعية الغائرة.. وننخر فيها بكل قوة.. حتى تخر ساقطة مكانها..
عارف مين هيعمل ده؟
أنت..
كرجل مش كذَكَر..
وانتي..
كأنثى.. مش كقِدّيسة..
أقول لك أخيرًا كلمة في سِرك..
لما بتجيلي واحدة ست لبست هذا الدور، وعملت في نفسها كل ده، بقول لها:
يا ستي.. حبي نفسك.. علشان أولادك يتعلموا يحبوا نفسهم..
اهتمي بنفسك وادّيها حقها.. علشان بناتك يهتموا بنفسهم ويدّوها حقها..
ما تفرطيش في احتياجاتك وإنسانيتك.. علشان مايفرطوش في احتياجاتهم وإنسانيتهم..
إحيي علشان يحيوا.. ما تستجيبيش لضغوط المجتمع.. ابدئي من جديد كل يوم..
ده اللي هينفع ولادك..
وهيحميهم..
ويعلّمهم أصول الحياة..
مش أصول العيشة..
ما كلنا عايشين.
– أُم من غير راجل حتى لو عايش.
– المُتفانية المُضحية.
– أُم بتعرف تدّي ولادها كل حاجة.
– أُم لوحدها تحدّت ظروف صعبة، وربّت أبناءها تربیة سلیمة عوّضتهم فقدان الأب.
– كريمة مختار.
– التضحية، الاحتمال، العزيمة.. مسئولية كبيرة.. وجه كبير في السن مُبتسم.
– أمي.. باشوفها مثالية.. بتعمل كل حاجة علشانا وعلشانا وبس.. وبتضحي حتى بصحتها.
– واحدة جوزها ميت وبتربي عيالها لوحدها.
– الأم المثالية بالنسبالي مش صورة «أم» محددة، لكن صورة أولادها.
– أي أم بتضحي براحتها ووقتها وعُمرها علشان ولادها.
– الست المطحونة اللي بتشقى على عيالها، وفي الغالب زوجها مُتوفي أو مريض، عاشت حياتها تربي عيالها وتعلّمهم وتصرف عليهم.
– إنكار الذات والاحتواء.
– أم ضحّت بحاجات كثيرة واستحملت واتنازلت علشان أولادها.
– واحدة ست فقيرة ومش مُتعلمة، ضحّت عشان ولادها على حساب نفسها، عشان تعلّمهم وتلبّسهم.. واحد منهم لازم يكون دكتور.. والتاني ظابط.. والتالت مهندس.
– الأم المُضحية من أجل أولادها، اللي بتحرم نفسها من أي شيء عشان خاطرهم، وخصوصًا لو مافيش أب يشيل معاها المسئولية.
– الشمعة التي تحترق من أجل الآخرين.
– الأم اللي بتحرق نفسها وتضحي عشان الكل.
– أرملة أو مُطلقة عاشت لولادها بس، ودخّلتهم كليات «قمة».
***
إيه رأيك؟
فيه كام حد جاب سيرة «الأم اللي بتحب نفسها»؟
كام مرة ذُكرت كلمة «تحافظ على صحتها»؟
مين قال «الأم اللي تحقق ذاتها»؟
عارف لو انت شخصياً سألت نفسك نفس السؤال هايحصل إيه:
هتلاقي صورة ذهنية واحدة «غالبًا» نطّت في مُخيلتك.. واحدة ست.. كبيرة في السن.. أرملة أو مطلقة.. ربّت عيالها لغاية ما كبروا واشتغلوا واتجوزوا وخلفوا.. مع بعض التنويعات والتباديل والتوافيق..
تاني..
واحدة ست.. تكون قررت بعد ظروف قاسية.. إنها تنكر احتياجاتها الإنسانية والنفسية الطبيعية.. وتعيش علشان حد غيرها..
واحدة ست.. دفنت بعض أجزائها النفسية حية.. وفوّتت على نفسها فرص حقيقية لحياة أفضل هي ومَن تعول..
واحدة ست.. نسيت إنها ست.. إنسانة.. أنثى.. لها حقوق..
يعني أنت عايزها تشوف نفسها وتسيب عيالها يا دكتور؟
يعني تتجوز وتهملهم؟
تستمتع بالحياة وتنساهم؟
الاستغراب والاستنكار والأسئلة دى كلها، وراها حاجة مهمة جدًّا، اسمها «القالب الذهني المجتمعي»..
***
مجتمعنا- زي أي مجتمع- عمل قوالب ذهنية لبعض المعاني.. ومنها معنى «الأم المثالية».. اللي هي طبعًا أحد مشتقات «المرأة».. وانتم خلاص عرفتوا بقى يعني إيه «امرأة» في مجتمع ذكوري..
امرأة يعني حد بيضحي بكل شيء وأي شيء علشان رضا وسعادة ومتعة وانبساط الرجل.. حد مالهوش أي حقوق في الحياة إلا بعد أكل وشبع ونظافة وتنظيم وتجهيز وتدليع الرجل.. امرأة يعني انسحاق وذُل وموت نفسي بطيء.. وحتى لو خان أو مات أو طلّق هذا الرجل.. فمن الواجب «مُجتمعيًّا» عليها إنها تستمر في مسلسل التضحية والتفاني وإنكار الحقوق الإنسانية البسيطة على نفسها، علشان في الآخر نصقف لها ونقول لها برافو.. ونسميها «الأم المثالية»..
طيب والست اللي بعد ما جوزها يموت تتجوز تاني؟ دي ست مش محترمة..
والست اللي بعد ما تطلق تشوف لنفسها عريس؟ دي ست لامؤاخذة..
والست اللي تحب تعيش الحياة؟ دي مستصغرة نفسها..
أنا عمري ما سمعت في أي بلد في الدنيا عن حاجة اسمها مسابقة الأم المثالية.. (The Perfect Mother)، وآخر ما أعلمه من توصيف نفسي للمثالية (Perfectionism) هي إنها شكل من أشكال الانتحار..
الأم اللي تدي نفسها الحق في الحياة، وماتطفيش نفسها لأي سبب من الأسباب.. هي في الحقيقة أم جديرة بالاحترام..
والأم اللي ما تنساش إنها أنثى ليها احتياجات وحقوق.. هي أم جديرة بالتقدير..
والأم اللي تعلّم أولادها إنه ما ينفعش تدفن نفسها بالحياة علشانهم ولا علشان أي حد، هتطلّع أجيال برضه ماتدفنش نفسها بالحياة ولا تسمح لحد إنه يدفنها بالحياة.. بدلًا من المفهوم المتوارث للمرأة الطيبة والأم المثالية على إنها «ضحية» أجادت «التضحية» بنفسها.. ووصّلت لأولادها وبناتها معنى غلط للأمومة، ومفهوم خطأ للأنوثة، وصورة مُشوّهة للحياة.. وأهلا بيهم كلهم في العيادات النفسية..
بس الذكورية الشرقية المجتمعية تروح فين بقى؟
يعني إيه امرأة حُرة؟ يعني إيه تدي نفسها فُرص جديدة؟ ليه ما تحرمش نفسها من حقها في الحياة؟
يعني إيه واحدة ست ماتبقاش مُكبلة بهموم مَن حولها، ومغلغلة بسلاسل شئونهم وأحوالهم؟
إزاي بنت.. أو زوجة.. أو أم تعيش وتحيا لحسابها.. مش لحساب أبوها وأمها، وبعدين جوزها، وبعدين أولادها؟
إيه بقى الطُّرق اللي نقدر بيها نلبّس هذه الأم الدور ده.. ونقيّفه عليها.. ونخليها كمان تحبه.. وتسعى له؟
أولًا: نبتزها عاطفيًّا.. نفهمها إنها لما تفكر في نفسها تبقى أنانية.. نحسّسها بالذنب لو قالت في يوم «ده حقي»..
ثانيًا: نفهّمها إنها -بإنكارها لذاتها واحتياجاتها وإنسانيتها- بترضي ربنا.. وبتتقرب إليه..
ثالثًا: لما تعمل كده.. نسمّيها «الأم المثالية»..
خلطة سحرية نابعة من عقلية ذكورية بامتياز..
تركيبة نفسية ومُجتمعية تُشوّه أي امرأة باقتدار..
تدوس على نفسها.. ونقول دي «بتضحي»..
تنتحر نفسيًّا ومعنويًّا.. ونصور لها إنها «قدوة»..
تعيش حياتها جافة وحيدة.. ونمنحها شارة «قِدّيسة»..
يا عزيزي..
نحن أمام أكبر عملية تزييف في التاريخ..
أمام خطوات عملية وتفصيلية مُذهلة لصناعة وتعبئة وتغليف الذكورية الشرقية وتوصيلها لكل منزل..
نحن أمام سجن كبير.. من ذهب..
صنعنا قُضبانه- على أعيننا- الواحد تلو الآخر..
ثم حبسنا فيه أمهاتنا..
كُلهن.
***
حد هيسأل: ليه أقول على ده مساهمة في صناعة الذَّكَر الشرقي؟ إزاي الأم دي هتكون شريك في هذه الصناعة؟ فين استفادة الذكور من القصة دي كلها؟
أقول لك..
معنى إن الأم تخرج من هذا القالب المجتمعي السميك، هو إنها تبطل تكون مُرضعة وخادمة وأسيرة في قصر أحد الذكور..
وكونها تتجوز بعد طلاق أو وفاة، أو حتى تفكر في ده من قبيل تلبية احتياجاتها النفسية والعاطفية والجسدية، ده يضعها فورًا في خانة العاهرة بالنسبة لذكور عاوزينها دايمًا في خانة الأم.
الأم اللي تعمل كده هي في الحقيقة بتطلّق كل ذكور المجتمع طلاق بائن، وبتتحلل من بُنوتهم ونكوصهم المرضي للأبد..
صح؟
طب ولما تفضل في القالب ده وما تخرجش منه.. وتكمل إنكار ودفن لاحتياجاتها النفسية والجسدية.. وتستمر في زواجها النفسي من أبنائها.. وتفضل حبيسة سجن «الأم المثالية».. مش تبقى كده بتشارك وتساهم في صناعة الذَّكَر الشرقي؟
آه طبعًا.. وبكل جدارة..
خلي بالك.. فيه تويست لطيف في الحكاية دي.. وهو إن اللي صنع هذه الأم المثالية.. هو المجتمع الذكوري «بنسائه ورجاله».. وإن الأم دي نفسها باللي بتعمله ده، بتساهم في صُنع وتغذية نفس هذا المجتمع الذكوري «بنسائه ورجاله».. حاجة كده تاني زي البيضة والفرخة.. مين بدأ قبل مين؟
والإجابة هي إننا كلنا بنتئذي.. بغَضّ النظر عن مين بدأ قبل مين..
عارف إحنا محتاجين نعمل إيه؟
محتاجين نجيب حفّار صلب متين.. ونحفر في أساسات هذه الذكورية المجتمعية الغائرة.. وننخر فيها بكل قوة.. حتى تخر ساقطة مكانها..
عارف مين هيعمل ده؟
أنت..
كرجل مش كذَكَر..
وانتي..
كأنثى.. مش كقِدّيسة..
أقول لك أخيرًا كلمة في سِرك..
لما بتجيلي واحدة ست لبست هذا الدور، وعملت في نفسها كل ده، بقول لها:
يا ستي.. حبي نفسك.. علشان أولادك يتعلموا يحبوا نفسهم..
اهتمي بنفسك وادّيها حقها.. علشان بناتك يهتموا بنفسهم ويدّوها حقها..
ما تفرطيش في احتياجاتك وإنسانيتك.. علشان مايفرطوش في احتياجاتهم وإنسانيتهم..
إحيي علشان يحيوا.. ما تستجيبيش لضغوط المجتمع.. ابدئي من جديد كل يوم..
ده اللي هينفع ولادك..
وهيحميهم..
ويعلّمهم أصول الحياة..
مش أصول العيشة..
ما كلنا عايشين.
د. محمــد طــه