باختصار شديد.. ومن غير أي مقدمات.. فيه تلات بني آدمين غير بعض عايشين جواك في اللحظة اللي بكلمك فيها دلوقت.. يعني جسمك عامل زي    ما يكون شقة مفروشة فيها تلات أوض منفصلة.. كل أوضة فيهم عايش فيها بني آدم غير التاني.. وكل واحد فيهم ليه حياته وذكرياته وتصرفاته الخاصة بيه لوحده.. وفي كل موقف في حياتك، واحد من التلاتة دول بيمسك زمام الأمور.. ويكون ليه الغلبة والسيطرة على الاتنين التانيين.. وهكذا..

اللي بيطلع منك وأنت في حفلة، أو فرح، أو رحلة مع أصحابك.. اسمه (الطفل) بتاع حضرتك.. ساكن جواك من أيام طفولتك، وبيطلع ويشم نفسه وقت اللعب والهزار والفرح والتنطيط.. الطفل ده هو نسخة منك وأنت صغير، متخزنة جواك وبتمسك زمام نفسك في الوقت المناسب.. وقتها الطفل ده بيلبسك (زي العفريت كده).. يعني بتكون طفل.. حالة طفولية سائدة.. تسمع وتشوف وتفهم وتستقبل وتتصرف زي ما كنت في طفولتك بالظبط.. تتحرك بمرونة وليونة وحرية، تفهم وتستوعب بالراحة ومن غير تشنج ولا تعصب.. تتصرف بتلقائية وعفوية.. تلعب وترقص وتسرح بخيالك وتبدع بدون حدود..

الشكل ده من الطفل الداخلي بتاعك اسمه حالة الأنا الطفليةChild Ego State.. أو (الطفل الحر).. علشان هو فعلا حر.. زي ما خلقه ربنا على فطرته.. قبل ما يتربى ويتشوه ويتكيف على اللي أبوه وأمه عاوزينه.. ساعتها هايكون ليه اسم تاني.. وشكل تاني.. اسمه (الطفل المتكيف) أو (الطفل المذعن).. وده برضه موجود جواك.. بس دي النسخة اللي حضرتك جيت عند سن معين وقررت تتنازل فيه عن تلقائيتك وفطرتك وحريتك وصوتك العالي وحقك في الاعتراض والاختيار والقبول والرفض.. وتتحول إلى طفل لطيف ظريف بيسمع الكلام ويشرب اللبن وما يقولش (لأ) علشان اللي   حواليه يسقفوله ويقبلوه ويحبوه ويهتموا بيه ويرضوا عنه.. الطفل ده صوته واطي.. وقعدته منحنية.. وعينه مكسورة.. وحضرتك بتلبسه برضه لما الظروف اللي حواليك تكون قاسية وصعبة وإنت مش عارف تعمل معاها أي حاجة غير إنك ما تكونش نفسك..

فيه شكل تالت للطفل الداخلي ده اسمه (الطفل المتمرد).. وده اللي دايمًا رافض لأي قواعد أو قوانين.. دايمًا في صراع أو منافسة مع غيره.. عنيد وصعب الانقياد وسريع الصد والرد.

ده الساكن الأول.. اللي اسمه (الطفل الداخلي).. اللي ممكن يكون (طفل حر).. أو (طفل متكيف/مذعن) أو (طفل متمرد).. واللي بتتحول حضرتك لواحد منهم في مواقف معينة.. وبالمناسبة.. كلمة تتحول هنا معناها تتحول بجد.. بالمعنى النفسي والحضور العقلي والسلوك الجسدي..

الساكن التاني.. اسمه (الوالد).. أو (حالة الأنا الوالدية) Parent Ego State زي ما (إريك بيرن) صاحب النظرية دي ما بيسميها.. وده بقى يا سيدي الأب (أو الأم).. اللي بيطلع من جواك وقت ما تكون في موقف يستدعي الحنان والأبوة (أو الأمومة) وسعة الأفق.. موقف محتاج سماح وعطف وتفهم وعطاء.. حالة مطلوب تكون فيها كبير.. بيسمع ويسمح ويطبطب وينصح ويرشد.. تحس باللي قدامك وتراعيه وتساعده وتقدر احتياجاته.. زي الأب ما بيعمل ما ابنه بالظبط..

بس زي ما الطفل اللي جواك ليه أكتر من صورة.. برضه (الوالد) اللي   جواك ليه أكتر من صورة.. الصورة الأولى اللي وصفناها دي اسمها (الوالد الراعي).. وده شكل طيب وحنين من صورة الأب (أو الأم) اللي اتكونت عندك من صغرك، من خلال تعاملك مع أبوك وأمك ومدرسك وكل من كان يمثل (والد) بالنسبة لك.. فيه بقى صورة تانية للوالد ده ممكن برضه تكون اتكونت عندك من خلال والديك أو من يمثلهم اسمها (الوالد الناقد)، وده لما بيطلع من جواك بيكون شخص قاسي وغاضب ومش بيعجبه العجب.. حد مش بيبطل نقد ولا لوم ولا أوامر ولا تعليمات.. صارم وقاطع ومتسلط ومش بيرضى أبدًا..  الحالة دي بتلبسك في المواقف اللي بتستفزك وتثير غضبك وتخرجك بره إطار التفهم والحكمة.. لأنك ساعتها مش بتسمع ولا بتفهم ولا بتدي فرص.. أنت بتكون ثور هائج صلب الرأي ما ينفعش معاه أخد ولا عطا.. ربنا يحفظنا..

عاوز أؤكد إن كل شخصية أو حالة من دول ليها ما يميزها من طريقة في الكلام.. نبرة في الصوت.. طريقة في الحركة والمشي والجلوس.. شوية كلمات معينة خاصة بيها.. تعبيرات وش مختلفة.. طريقة في استقبال الأحداث والتعامل معاها.. وحتى بناء عصبي خاص في المخ.. وكأنها فعلا شخص منفصل بذاته..

يعني لما تكون في حالة (الطفل الحر).. بتتحرك ببساطة، بتستقبل بدون نقد ولا حُكم، بتفكر بمرونة من غير كلاكيع ولا تعقيدات، كلامك بيكون فيه كتير من العفوية والفكاهة والبهجة والمرح.. بتعبر عن نفسك وعن مشاعرك بتلقائية ومن غير تكليف.. ولما بتكون في حالة (الطفل المتكيف/المذعن)، بتكون هادي جدًّا.. منسحب.. بتسمع الكلام بدون مناقشة ولا اعتراض.. بتخاف تقول (لا).. تستحمل الإساءة والإهانة من غير رد.. قعدتك منحنية، صوتك واطي، معندكش أي استعداد للاختلاف أو الإبداع.. كلماتك بتكون من قبيل (هو ليه بيحصل معايا كده؟).. (أنا حظي دايمًا وحش؟).. (أنا نِفسي في كذا- بكسر النون).. ولما بتكون في حالة (الطفل المتمرد) بتعترض وتتمرد على أي شيء وكل شيء..

ولو لبستك حالة (الوالد الراعي).. بتطبطب كتير على اللي حواليك، وبتستخدم كلمات زي (عاوز أساعدك).. (علشان مصلحتك).. (أنا أدرى منك).. وهكذا.. ولو كنت في حالة (الوالد الناقد).. كلامك بيكون مليان (لازم) و(المفروض) و(هو كده).. وبتشهر صباع (السبابة) كتير في وجه غيرك كتعبير عن اللوازم والمفروضات والقواعد والغضب والصرامة اللي بتكون فيها..

فيه بقى حالة تالتة وأخيرة، ساكنة جواك زي إخواتها، وبتطلع منك في مواقف مختلفة شوية.. الحالة دي اسمها (البالغ) أو (حالة الأنا الراشدة) Adult Ego State.. ودي بتطلع منك في المواقف اللي تستدعي تحكيم العقل ووزن الأمور والتعامل مع الحقائق والواقع بأقل قدر من المشاعر.. في الحالة دي إنت بتقدر تظبط انفعالاتك وردود أفعالك من غير تلقائية الطفل، ومن غير حنية أو قسوة الوالد.. إنت هنا كمبيوتر.. ما تعرفش غير المنطق والحسابات والتجرد من العواطف علشان توصل لرأي أو تاخد قرار.. بتكون محايد.. صريح.. حكيم.. هادي.. متزن.. بتسأل أسئلة مباشرة (ليه؟ إزاي؟ إمتى؟) علشان تفهم وتعرف وتستوعب.. وبتتكلم كلام واضح من قبيل (ده رأيي).. (أعتقد كذا).. (من وجهة نظري) علشان تتواصل مع اللي قدامك..  طبعًا الكلمات دي وغيرها ممكن تطلع من أي حد من الحالات التلاتة.. بس الطريقة اللي بتتقال بيها والمعنى المقصود منها وتعبيرات الجسم والوش اللي   بتصاحبها، بتختلف من حالة للتانية..

يبقى موجود جوه حضرتك دلوقت تلات حالات بنسميهم (حالات الأنا) Ego States.. تلات بني آدمين منفصلين عايشين جواك.. كل واحد ليه تاريخه وصفاته وسلوكه.. وكل واحد فيهم بيلبسك في موقف معين.. وساعات ده بيكون بينك وبين نفسك في شكل صوت داخلي.. فكرة ملحة.. رغبة مجنونة.. إحساس بالذنب.. أو عند بعض المرضى وساوس أو هلاوس أو ضلالات..

 بالمناسبة التلات حالات دول موجودين جوانا من وإحنا صغيرين.. يعني كلنا بنشوف البنت الصغيرة اللي بتتعامل بكل أمومة (الوالد الراعي) مع العروسة بتاعتها (وساعات مع أمها وأبوها).. وكلنا بنشوف الطفل اللي عنده خمس أو ست سنين وهو بيعنف أخوه أو أخته الصغيرة ويرفع صباعه (الوالد الناقد) وهو بيكلمها ويقولها المفروض تعملي كذا أو لازم تقولي كذا.. أو لما ساعات يلبس نضارة أبوه ويبدأ يتفلسف (الراشد) ويسأل أسئلة منطقية ويقول كلام أكبر من سنه مليان وقائع وحقائق وكأنه حكيم زمانه..

 مهم نعرف إنهم مش بس تلات حالات أو تلات أشخاص.. لأ.. هما في الحقيقة أكتر من كده بكتير.. بس دي العناوين الرئيسية والحالات المهمة..

وهنا السؤال:  هو أنا مين فيهم؟

والإجابة هي  إن حضرتك كلهم (على رأى شيرين- أنا كتير).. بس في كل موقف حضرتك بتكون واحد منهم.. وده الطبيعي والصحي والمفيد.. لكن لو طلع في موقف ما حد من جواك غير مناسب للموقف.. يبقى ساعتها ده مرض نفسي ووضع غير طبيعي ولا صحيح.. يعني لما يطلع (الوالد الناقد) من جواك في حفلة أو رحلة ويقعد ينقد ويلوم ويتكلم بلغة (لازم) و(المفروض) يبقى ده مش طبيعي.. ولما تلبس حالة (الطفل الحر) وإنت في المحاضرة وتقوم تتحزم وترقص يبقى ده برضه مش طبيعي.. ولما تتحول إلى (العاقل الراشد) وإنت قاعد مع حبيبتك وتكلمها بلغة الحقائق والأرقام والحسابات.. يبقى تطلع على الدكتور النفسي على طول..

 أصحاب المدرسة دي في علم النفس (اسمها مدرسة التحليل المعاملاتي) Transactional Analysis.. بيشوفوا إن الاكتئاب هو (طفل مذعن) خاضع خانع طول الوقت.. وان الهوس هو (طفل حر) بزيادة شوية أو (طفل متمرد) قرر يثور على العالم وعلى اللي حواليه.. وإن الطبيعي إن التلات حالات يتكاملوا مع بعض تحت القيادة الحكيمة بتاع (الأنا الراشدة) اللي   تسمح كل شوية بالتناوب وتبادل الأدوار..

 طيب..

الكلام ده كلام نظري ومتخصص وممكن أي طالب علم نفس يقراه في أي كتاب أو مذكرة أو صفحة إنترنت.. مالنا إحنا ومال القصة دي..

أقولك..

القصة دي تخص حضرتك شخصيًّا.. لأن التلاتة دول عايشين جوه كل حد فينا.. ومهم نعرف نفسنا بكل تفاصيلها وخباياها.. مش بس كده.. ده فيه حاجة في منتهى الخطورة والأهمية في الموضوع ده.. لدرجة إنه بيتم تدريسه للناس اللي شغالين في مجال الإعلانات والدعاية ورؤساء الشركات والمخابرات والمدربين وغيرهم.. وهي:

مين بيكلم مين؟

نعم؟

أيون..

مين من التلاتة اللي جواك بيتكلم على لسانك؟

مين عندك بيكلم مين عند اللي قدامك؟

إنت بتخاطب مين في غيرك؟

بتحرك مين في شريك أو شريكة حياتك؟

بتحضّر مين في صاحبك أو مديرك أو زميلك؟

مين من التلاتة اللي جواك بيتعامل مع مين من التلاتة اللي قصادك؟

كلام غريب ومجنون..

 بس في الحقيقة.. هو عين العقل..

إزاي؟

 بص يا سيدي..

في كل تفاعل أو تعامل مع حد، واحد من التلاتة اللي جوانا بيكلم واحد من التلاتة اللي جوه الآخر.. والطبيعي والسليم إن اللي أوجه له الكلام هو اللي   يرد عليه.. مش أكلم حد ويرد عليا حد تاني.. لكن لو أنا كلمت حد ورد عليا حد تاني ممكن تحصل قفلة وينتهي التواصل قبل ما يبدأ..

يعني لما حضرتك تبقى راجع البيت بعد يوم شغل وتعب وإرهاق.. وتقول لمراتك بمنتهى الهدوء والعقل والواقعية (حالة الأنا الراشدة) أنا جعان جدًّا.. عملتي الأكل؟ الطبيعى إنها ترد عليك بـ (الأنا الراشدة) اللي جواها برضه، وتقولك آه الأكل جاهز.. أو كنت مشغولة النهاردة ومالحقتش أجهزه.. ده اسمه تفاعل طبيعي.. لكن لما تروح رادة عليك بمنتهى الشعور بالظلم والإهانة وعدم التقدير وتقولك: هو إنت مش شايف غيري؟ ما فيش غير أنا اللي تتعب وتشقى وإنت جاي عاوز تاكل على الجاهز؟ مش تقدّر تعبي شوية؟ حرام عليك!! يبقى (الطفل المذعن- المتكيف) اللي جواها بيرد على (الوالد الناقد) اللي عندك.. وده يعمل (قفلة) فورية في العلاقة.. ولو اتكرر بالشكل ده (من ناحيتها أو من ناحيتك) هايقطع التواصل بينكم من أساسه.. ويبقى اسمه تفاعل (متقاطع)..

لو إنت طالب وبتمتحن امتحان شفوي.. والدكتور بيكلمك بحالة (الراشد) وبيسألك بمنتهى العقل سؤال بسيط.. فالطبيعي إنك ترد عليه رد برضه (راشد) ومنطقي وواقعي بالإجابة السليمة (أو حتى غير السليمة).. لكن لو رديت عليه وقولتله: معلهش يا دكتور أنا ما ذاكرتش مادتك كويس، ومش مستعد للامتحان.. يبقى إنت كده بتستفز فيه بكل وضوح (الوالد الناقد)، وهاتلاقيه يرد عليك ويقولك  بمنتهى  الغضب: طيب خد الصفر ده وامشي يا شاطر..

لو ابنك بيكلمك بـ(الطفل الحر) اللي جواه وبيقولك: ما تيجي تلعب معايا شوية يا بابا.. هو بيكون عاوز (الوالد الراعي- الحاني) اللي جواك يرد عليه ويقوله: وماله يا حبيبي، ياللا بينا.. لكنه أكيد مش عاوز (الراشد) بتاعك يقوله بمنتهى المنطق وبدون أي عواطف: أنا مشغول ومش فاضي دلوقت.

يبقى مهم تعرف مين جواك بيكلم أو بيرد على مين جوه اللي بتتعامل معاه.. علشان ده ممكن يساعد جدًّا على التفاهم والتواصل (لو اللي بكلمه هو اللي   بيرد عليا)، أو يكون سبب في سوء التفاهم وقطع التواصل (لما اللي يرد يكون غير اللي اتوجه له الكلام)..

 طبعًا فيه نوع أهم وأخطر من النوعين دول في التواصل.. اسمه (التفاعل الخفي).. وده فيه اتنين من عندك بيكلموا اتنين من عند اللي قدامك في نفس الوقت.. حد بيكلم حد بشكل ظاهر وواضح.. بس حد تاني من عندك بيوصل رسالة خفية وغير ظاهرة لحد تاني من اللي قدامك.. معلش استحملني في الجنان ده شوية.. يعني الأب بيقول لابنه بـ(الوالد الراعي) بتاعه: يا حبيبي ما يهمكش.. ذاكر واعمل اللي عليك، وادخل الكلية اللي إنت عايزها، واللي   يجيبه ربنا كله كويس.. بس من تحت لتحت، بيقوله بنظرات عينه وبتصرفاته عن طريق (الأب الناقد): إوعى تدخل غير كلية الطب. أو الأم تقول لبنتها بشكل واضح: اكبري بقى واتجوزي يا حبيبتى علشان نفرح بيكي.. بس في نفس الوقت وبشكل خفي (الطفل) اللي جواها بيقول للبنت: إوعي تكبري وتتخلي عني.. إوعي تكبري وتسيبيني.. الرسايل المتناقضة اللي بالشكل ده ممكن تجنن بجد..

 أقولك نكتة بقى علشان نعيد ترتيب مخنا بعد اللخبطة دي شوية..

الأجانب لما بيحبوا بعض.. بيدلعوا بعض.. هو يقولها يا (بيبي).. وهي  تقوله يا (بيبي).. الطفل اللي جواه بيستدعي ويحضر ويخاطب ويطلع الطفل اللي   جواها.. والعكس بالعكس.. عندنا بقى الاتنين الحلوين أول ما يتجوزوا.. هو يقولها يا (ماما).. وهي تقوله يا (بابا).. عرفتوا إحنا بنطلع من بعض إيه.. وبنستدعي إيه عند بعض؟؟!!

 مهم كمان نعرف إن كل حالة من دول ليها مفتاح.. وكل شخصية فيهم ليها مدخل..

يعني لما يكون واحد قافش وزعلان وقرفان من نفسه، وعايش حالة (الوالد الناقد) أو (الطفل المذعن- المتكيف).. لما تيجي تكلمه تعمل حسابك إنك تخاطب فيه (الطفل الحر).. تهزر معاه.. تزغزغه.. كده يعني.. مش تقفش عليه وتلومه وتعاتبه وتكرهه في نفسه أكتر ما هو كارهها..

ولما تكون مراتك فرحانة وبتدلع وتهزر وتتنطط قدامك، وماليها (الطفل الحر) بتاعها.. ما ينفعش حضرتك تكلمها بـ(الراشد) الحكيم الفيلسوف المنطقي اللي جواك، ولا تنقدها أو تحكم عليها بـ(الوالد الناقد) بتاعك..

في تعاملاتك مع مرءوسيك.. مهم تكون ساعات والد وساعات راشد وساعات طفل حر.. ومهم تحرك فيهم وتستدعي كل دول برضه من عندهم وقت اللزوم..

 تفتكر بقى الناس بتوع الدعاية والإعلانات بيكلموا ويستدعوا مين جوانا؟

الطفل الحر طبعًا..

بيكلموه بالأغاني والموسيقى والإبداع.. بيستدعوه بخفة الدم والرشاقة والجمال.. بيحضروه بالألوان والرسومات والأشكال المبهجة.. علشان (الطفل الحر) ده هو اللي عنده رغبة وتطلع وحب استطلاع.. وهو اللي هايشتري.. ده ما يمنعش طبعًا إنهم في بعض الأوقات القليلة بيكلموا (الوالد) أو (الراشد)..

 نكتة تاني..

فيه ظاهرة مشهورة في الشعر الجاهلى وبعض الشعر الحديث.. وهي  إن الشاعر بيفتتح أشعاره بحاجة بيسموها (مخاطبة الصاحبين).. يعني يوجه كلامه وشعره (لاتنين) زي مثلا: (اختلافُ النهارِ والليلِ يُنسي.. اذْكُرَا لي الصِّبا وأيام أُنسِي).. لغاية النهاردة ما حدش عنده تفسير واضح للحكاية دي.. ليه اتنين. اشمعنا يعني؟ طيب مين هما الاتنين دول؟ وليه الحكاية دي بتتكرر كتير؟ متهيألي إن أوضح تفسير للظاهرة دي بعد الكلام اللي فات هو إن الشاعر بيكون في حالة من التلات حالات دول (الطفل/الوالد/الراشد) وبيكلم (بعقله الباطن) الاتنين التانيين اللي جواه..

فيه حاجتين مهمين قبل ما أخلص..

أولًا.. يا ريت تكون شوفت إنت علاقتك إيه بأجزاءك الداخلية.. عامل إيه مع الناس اللي عايشة جواك؟ حالات الأنا بتاعتك متفاهمة ومتناسقة وبتحب بعض وبتعرف تخرج إمتى ومع مين؟ واللا إنت في خناقة داخلية عنيفة.. فيها أجزاء نفسك كارهة بعضها وإنت رافض دي ومقاطع دي وعاوز تخلص من دي؟ قابل نفسك كلها على بعضها بكل حالاتها وأحوالها واللا مقسمها ومجزءها ومخليها حتت ما لهاش علاقة ببعض؟

ثانيًا.. اسأل نفسك: مين بيطلع من جواك؟ وإمتى؟ ومع مين؟

شوف إنت بتكلم مين في الشخص اللي قدامك؟

اعرف إنت بتوصل إيه على المكشوف؟ وإيه من تحت لتحت؟

اكتشف.. مين بيتكلم على لسانك؟

اتعلم عن نفسك.. واعرفها.. واتعلم عن نفوس الآخرين واعرفهم..

 علشان ده مفتاح مهم جدًّا.. في أي علاقة صحية..

د. محمد طه