– البقاء والاستمرار -فى كأس العالم- ماكانش للأقوى.. لكنه كان للأكثر اجتهاداً وإصراراً وأملاً..
– بالرغم من ذلك.. كرة القدم ليست عادلة.. كالحياة تماماً..
– احنا عندنا نزعة رهيبة لل Idealization.. للتمجيد والتقديس وصنع الأصنام.. احنا فى يومين عملنا من رئيسة كرواتيا صنم عجوة وقربنا ناكله خلاص.. فى علم النفس بيسموا ده Idealizing need.. يعنى الاحتياج الطفولى (الموجود عند الأطفال) لرؤية حد على إنه كبير ومثالى وقادر.. اللى عندنا بقى مش Idealizing need.. ده اسمه Idealizing Hunger.. لأنه تخطى مرحلة الاحتياج البسيط ووصل للجوع والنهم الشديد..
– الكورة مش رياضة بس.. الكورة سياسة كمان.. الكورة بتدوب الفوارق بين الشعوب.. الكورة بتعزز (أو لا تعزز) الانتماء.. الكورة ممكن تحبب الناس فى حكوماتها وتشجع سياساتها.. فضيحة أوليمباد روسيا 2014 (تعاطى الرياضيين الروس منشطات وتبديل عينات بولهم فى المعامل بخطة من الكى جى بى تحت إشراف بوتين نفسه)، تلاها مباشرة انقضاض بوتين على أوكرانيا بلا رحمة بعد ارتفاع ملحوظ فى مستوى شعبيته المحلية بسبب فوز روسيا بعدد كبير من الميداليات بالأوليمباد.. الفيلم الوثائقى Icarus الحاصل على أوسكار 2017 بيشرح القصة دى بالتفصيل.. والشكوك من تعاطى لاعبى منتخب روسيا منشطات فى كاس العالم 2018 ليه ما يبرره.
– الكورة كمان علم.. وبحث علمى.. وخطط مدروسة على أسس علمية.. كمية الكمبيوترات واللابتوب والتابلت واللوحات الورقية اللى كانت فى أيدى مساعدى المدربين قبل وأثناء وبعد كل مباراة، من أجل التحليل والحساب والاستنتاج والتخطيط، غريبة ومرعبة.. وكمية الإحصاءات والرسوم البيانية اللى اتقالت واترسمت وظهرت على شاشات التليفزيون لا تصدق..
– الانتصار فى العقل قبل القدم: مدرب كرواتيا بعد فوزه على الأرجنتين قال فى حديث تليفزيونى إن العامل الأهم فى الفوز كان العامل النفسي.. وإنه لمح فى عيون لعيبته الشجاعة لتحقيق الانتصار.. وركز على ده.. وكان مهتم طول الوقت بتوصيل رسالة نفسية أساسية ليهم “أنتوا تقدروا”.. وحصل.. ومدرب فرنسا بعد فوزهم بكاس العالم النهاردة قال “نحن لم نقدم اليوم مباراة استثنائية على مستوى اللعب.. لكننا استخدمنا أذهاننا جيداً”.. علشان كده فيه فرع كامل فى علم النفس اسمه (علم النفس الرياضى).
– زمن اللاعب الأوحد، المتفرد، المنقذ، المُخلّص، انتهى بلا رجعة.. كل المنتخبات اللى فيها لعيب ثقيل متميز عنده مهارات استثناءية، كلهم خسروا وخرجوا مخذولين.. الكلمة الأولى والأخيرة للفريق.. للعب الجماعى.. للرؤوس المتساوية.. امتى هانتعلم ده.. مش فى الكورة
– منتخب البلد بيعبر عن البلد.. لأنه بيمثل عينة مجانية من طريقة تفكير البلد، ووعيها، وعقلها الباطن، واختياراتها، وطريقة قراراتها.. تلاقى منتخب هجومى، ومنتخب دفاعى.. منتخب منظم ومنتخب عشوائى التخطيط ورد الفعل.. منتخب يعتمد على فرد، ومنتخب يعتمد على الفريق كله.. منتخب بارد ممل، ومنتخب ملون مبهج.. منتخب قصير النفس.. ومنتخب نفسه لا ينقطع.. منتخب انهزامى مستسلم.. ومنتخب مايعرفش غير الإصرار حتى آخر لحظة..
– الفرحة حلوة.. الحياة مبهجة.. الجمال موجود.. بس فيه ثقافات مزروع فيها العزوف عن الحياة، وحب الموت، والغرق فى الحزن والشجن.. وثقافات قررت تعيش، وتفرح، وتتذوق الجمال، وتستمتع بكل لحظة فى الحياة..
– علاقة المدرب باللعبية.. هى بالظبط علاقة الأب بأبناءه.. هى بالظبط علاقة الأستاذ بتلامذته.. هى بالظبط علاقة المعالج النفسي بمريضه.. إما تكون علاقة فوقية سلطوية ساحقة.. أو تكون علاقة انسانية حقيقية قريبة مغيرة.. شوفوا محمد صلاح فى حضن مدرب ليفربول.. شوفوا مدرب كرواتيا واللاعيبة بتنط فوق ضهره وتوقعه على الأرض زى الأطفال بعد مباراة انجلترا..
– الفساد موجود.. النفاق موجود.. العك موجود..
– كل الناس –على مستوى معين- شبه بعض.. بيفرحوا زى الأطفال.. وبيحزنوا ويعيطوا ويتكسروا زى الزجاج الهش.. عندهم استعداد للقرب والبساطة والدفا والونس.. إيه المشكلة لما حد يكون مصدق حاجة غير اللى أنا مصدقها؟ إيه المعضلة لما حد يكون مرتاح فى لبس غير اللى أنا بالبسه؟ إيه المصيبة فى كون حد مختلف عنى طالما لم يؤذينى ولم يرهبنى؟ ليه أسرع حاجة عندنا هى الأحكام؟ ليه أسهل حاجة عندنا هى الهجوم والاحتقارواختراق الخصوصية والتفتيش فى النوايا؟ ليه معندناش أى استعداد لقبول الآخر.. وتحمل الاختلاف.. واستيعاب التناقض؟
– احنا بنتعاطف مع الصغار ذوى الأحلام الكبيرة.. ربما يحققون ما لا نستطيع نحن تحقيقه..
– احنا لسه قدامنا كتير أوى.. فى الكورة.. والعلم.. والحياة..
د. محمد طه