لا يمكن بأى حال من الأحوال إنكار حقيقة واضحة زى الشمس حالياً.. وهى إن المرأة فى مجتمعنا بتتطور وتكبر وتنمو نفسياً بمعدلات أعلى بكتير من الرجل..
كلامى دى مش مبنى على أى إحصاءات أو دراسات أو استقصاءات.. لكنه مبنى (حتى الآن) على ملاحظات شخصية منى ومن ناس كتير غيرى..
البنات بيُقبلوا أكتر على التعليم والتدريب والكورسات وورش العمل واكتساب المهارات.. بيكونوا ماليين أى قاعة محاضرات أو ندوات.. بيكتبوا ويسجلوا ويسألوا ويعرفوا..
عندهم نهم غريب للعلم والثقافة والفن.. بالرغم من كل الظروف والقيود الخانقة اللى حواليهم..
روح التحدى بتطل من عنيهم زى الأسهم الخارقة اللى عارفة سكتها ومش ناوية تتخلى عنها..
استعداد غير محدود لإنفتاح العقل.. ونضوج القلب.. واتساع الروح..
بيراجعوا بشجاعة كل المسلمات المجتمعية، والثوابت المتوارثة.. بيجربوا ويجازفوا ويخاطروا.. وياخدوا قرارات مصيرية فى منتهى الخطورة.. بوعى شديد.. ومسئولية يحسدوا عليها فى أغلب الأحوال..
بيخرجوا واحدة واحدة من تحت عباءة (سى السيد) السوداء المظلمة.. اللى اتربوا عليها، واللى شافوا أجيال آباءهم وأمهاتهم مايعرفوش غيرها.. واللى بتتحول كل يوم فى نظرهم إلى ماضى بائس عتيق..
بيشتغلوا.. ويدوروا على فرص.. ولو مالقوهاش بيخلقوها.. ومش بيرضوا بأقل من اللى حاسين إنهم يستاهلوه.. مهما كان التمن.. بطلوا يستسلموا وينكسروا وينكمشوا تحت ضل أى راجل..
بيعلوا صوتهم.. بيقولوا (لأ).. بيطالبوا بحقهم فى الندية والمساوة الكاملة (كأسنان المشط) فى أى علاقة..
حتى فى العلاج النفسي.. نَفَسهم أطول.. وإصرارهم أكبر.. ورغبتهم وقدرتهم على الاستمرار والتغيير أعلى بكتير جداً..
بنات الجيل ده ليهم صوت مختلف.. ولون مختلف.. ونوعية وجود أقل ما توصف بأنها (مرعبة)..
أيون..
مرعبة للطرف التانى فى المعادلة.. اللى لسه واقف مكانه مش راضى يتحرك.. خايف ياخد خطوة واحدة فى أى اتجاه، لأنه معندوش استعداد لأى مخاطرة غير محسوبة مايعرفش هاتاخده فين وتوديه على فين..
مرعوب يراجع نفسه، ويسأل، ويكتشف، لحسن يتفاجئ ومايتحملش المفاجأة.. مفاجأة إن المعبد الهائل الكبير اللى بناه طول السنين اللى فاتت علشان يُعبد فيه من دون الله سبحانه وتعالى، هو فى الحقيقة معبد ورق، قابل للانهيار عند أول هبة ريح..
حاسس بالتهديد من المعرفة.. من الحركة.. من تحمل مسئولية حقيقية.. وشراكة أصيلة.. ووجود ليه شكل ومعنى مختلفين.
يغضب.. ويرتعد.. وترتجف أوصاله، أول ما يسمع كلمة (ندية فى العلاقة)، لأنه بيستقبلها بمعنى (التحدى) وليس (التساوى)..
تنتفخ أوداجه.. وتحمر عيناه أول ما يسمع كلمة (مساواة فى الحقوق).. أو (تكافؤ فى نوعية الوجود).. لأن الشكل الوحيد من العلاقات اللى عرفه وشافه واتربى عليه واعتنقه وبيمارسه هو: اسمعى الكلام.. ماترديش عليا.. ماتناقشنيش.. أنا الراجل وانتى الست..
علشان كده مقاومة الرجل للتغيير (بدون تعميم) بتكون فى أحوال كتير مقاومة مستميتة.. وعنيفة.. ومدمرة.. لأنها بتكون -فى تصوره- دفاع حثيث عن وجوده شخصياً.. وبيستخدم فى سبيل ده كل الوسائل المتاحة.. من أول التلاعب الشديد بمشاعر الطرف الآخر.. مرورا بالسب والشتم والضرب والتحرش والإهانة.. لغاية الاستخدام الدفاعى السريع لفهم خاطئ لكثير من نصوص الدين الحنيف..
وطبعا ده لا ينفى إطلاقاً وجود نماذج رائعة لرجال حقيقيين بيسمحوا لنفسهم بتغيير جذرى وأصيل.. بالرغم من جيناتهم وموروثاتهم..
عاصفة الستات قادمة لا محالة.. وتغيير الموروثات الخاصة بالحب والجواز والشغل واللبس والفلوس مافيش أى حاجة هاتمنعها..
ولا يبقى أمامنا كرجال غير اختيارين مالهومش تالت.. يا إما نسمح لنفسنا برؤية ما منعنا نفسنا عن رؤيته وتصديقه لعقود طويلة.. وهو إننا بشر ضعفاء غلابة جداً.. مش آلهة.. ولا أنصاف آلهة… واننا محتاجين نتعلم أكتر عن الحياة.. وننضج أكتر فى العلاقات.. ونتواضع أكتر فى التعامل..
أو إننا نفضل نقاوم.. ونعافر.. ونكابر..
وتوسع مسافات الوعى بينا وبينهم..
وبدل ما كانت بالسنين.. هاتبقى بالسنين الضوئية..
لغاية ما ننقرض..
زى الديناصورات..
اللى مالهاش مكان دلوقت..
غير شوية هياكل عظمية..
فى قاعات المتاحف..
د. محمد طه