ناس كتير جداً (معظمهم سيدات) تواصلوا معايا وبعتولى رسايل مكتوبة وصوتية وفيديوهات، بعد البوست اللى كتبته عن ضرب الأطفال.. كلهم بيسألوا: احنا اكتشفنا اننا ممكن نكون أذينا أطفالنا.. ولاحظنا ان أطفالنا فعلاً اتأثروا بلضرب ده.. طيب نقدر نعمل إيه دلوقت؟ إزاى نقدر نزيل أى آثر سلبى للضرب على الأطفال؟

هاجاوب هنا باختصار شديد.. لأنى مش هأقدر أجاوب على هذا الكم من الرسائل بشكل منفرد:

– أولاً.. تسامحوا نفسكم.. احنا بشر.. بنغلط ونضعف ونقصر ونفشل أحياناً.. لو قعدنا نحس بالندم والذنب وجلد الذات، ده مش هايغير أى حاجة.. بالعكس.. ده هايزود غضبك (من نفسك).. ومش هاتلاقى حد تطل فيه غضبك غير الأطفال (تانى)، لأنهم السبب فى احساسك بالذنب.. مجرد مراجعتك لنفسك كفاية.. مجرد نيتك لتغيير هى بداية التغيير.. وصدقنى.. من اللحظة اللى قررت فيها تقف مع نفسك.. ده وصل لأطفالك.. من غير ولا كلمة. هونوا على أنفسكم.

– ثانياً.. تجيب أو تجيبى ابنك أو بنتك وتقعده قدامك.. وتعتذرله.. أيوه.. تقوله بكل صراحة ووضوح: أنا آسف.. أنا آسفة.. ماكنتش أعرف قد إيه ده ممكن يكون أذاك.. ماكنتش أعرف.. مش هاعمل كده تانى.. سامحنى يا ابنى.. مسامحانى يا بنتى؟ تقول ده وانت تعنيه.. وانت مصدقه.. وانت مقرر ماتكررهوش.. ده هايخلى ذاكرة الطفل لما تفتكر مشهد الضرب، تفتكر جنبه على طول مشهد الاعتذار.. وده فعلاً بيفرق.. ويخفف الأثر.. ده بيعمل تغيير حقيقي ودائم فى نفسية وعقل و(مخ) الطفل.. اوعى بس تاخدها حجة وتقعد تضربه تانى وتالت وتقول هابقى اعتذر.. انت كده هاتبوظ الدنيا. وعلى فكرة، طفلك من حقه يقبل اعتذارك ومن حقه مايقبلوش.. ومن حقه ياخد وقته لغاية ما يقبله.. الحكاية مش فرض ولا عافية.

– ثالثاً.. معظم اللى بيضربوا أطفالهم، اتضربوا وهما صغيرين.. افتكر أى مرة والدك أو والدتك ضربك فيها.. واستحضر الإحساس اللى كنت حاسة وقتها.. افتكر الخوف والرعب والعشم والخذلان.. وكل ما نفسك تهفك إنك تمد إيدك على أولادك تانى.. استرجع اللحظة دى.. وقول بينك وبين نفسك: أنا مش هاعمل اللى اتعمل فيا.. أنا مش هالبس عفريت أبويا أو أمى واتعامل بيه مع أولادى..

– رابعاً.. خليك فاكر طول الوقت.. خليكى فاكرة طول الوقت إن أولادك دول بنى آدميين زيهم زيك بالظبط.. فيه بس فارق قوة بينكم وبين بعض.. هما -للأسف- الطرف الأضعف (مؤقتاً).. وانهم هايقفوا قدام ربنا يوم القايمة، ويقولوه يارب احنا كنا ضعفاء.. ماكناش قادرين نرد.. ماكناش عارفين ناخد حقنا.. كنا خايفين.. خدلنا حقنا يارب.

– خامساً وأخيراً.. لو جيت فى فرة فقدت أعصابك، وتملكت منك شهوة القوة، افتكر انك تعهدت بينك وبين نفسك وأمام أبناءك وقدام ربنا إنك مش هاعمل كده تانى.. ولو عاوز ححاجة واحدة تعملها فى اللحظة دى وتمنعك من ضربهم، فهى: بص فى عينيهم.. بص فى عين ابنك مباشرة.. بصى فى عين بنتك مباشرة.. وشوفوا كمية الذهول والهلع وقلة الحيلة والخذلان اللى حاسينه ناحيتكم فى ثانية بتكون هى الأطول فى حياتهم وذاكرتهم..

تانى..
بص فى عينيهم.. بص فى عين ابنك مباشرة.. بصى فى عين بنتك مباشرة.. وشوفوا كمية الذهول والهلع وقلة الحيلة والخذلان اللى حاسينه ناحيتكم..

لو ايدك وقفت.. يبقى انت اتغيرت (وده وارد انه يحصل من أول أو تانى أو ثالث مرة.. الحكاية محتاجة أحياناً تدريب).

لو ايدك ماوقفتش.. يبقى تروح تتعالج رحمة بأولادك.. وتخليهم هما كمان يتعالجوا.. علشان يعرفوا يقولوك (لأ)..

ربنا يعافينا ويعافيكم..

د. محمـد طــه