طبعا المجرم ده ممكن يكون معتوه أو مخبول أو مجنون أو متأخر عقلياً.. وممكن طبعاً يكون شخص عادى جداً.. مجرم..
وطبعاً وبكل تأكيد ده حادث لا يجب تعميمه ولا سحبه على العلاقة بين الرجل والمرأة بشكل عام في مجتمعاتنا.. فيه رجال كتير يتصفوا بالرجولة والحكمة والمودة والرحمة والصبر.. ده مش مجال مزايدة ولا اتهام ولا دفاع..
والكلام هنا أيضاً ليس فى سياق الحديث عن الشرع والحقوق الشرعية (للرجل وللمرأة).. الكلام عن طريقة فهم.. وتناول.. وتطوير.. وتوصيل هذه المفاهيم والتعامل معها..
أمال إيه؟
أنا عاوز ألفت النظر لحاجتين..
حاجة اسمها الspectrum (طيف).. يعنى خط طويل من الاحتمالات والنتائج.. له نقطة بداية.. ونقطة نهاية.. ونقاط كتير بينهم..
والحاجة التانية اسمها ال cognitive distortions (تشوهات معرفية).. يعنى أفكار ومعتقدات خاطئة تمثل جزء من المنظومة العقلية والسلوكية لصاحبها أو أصحابها..
نسهل الكلام بقى ونوضح أكتر.. وأنا هاركز على المشهد ده فقط، ومش على باقى جوانب الرجل والمرأة، اللى اتكلمت وكتبت فيها كتير قبل كده..
لما توصل لذكر.. انه (من حقه) على زوجته انه لما يعوز ينام معاها فهى لازم توافق بغض النظر عن ارادتها الشخصية، ولا مزاجها، ولا حالتها النفسية، ولا استعدادها، ولا رغبتها، ولا.. ولا.. وانها لو رفضت، فانها هاتنام تحت لعنة الملائكة حتى الصباح.. تفتكر إيه الفكرة اللى بتزرعها فى دماغ هذا الذكر؟
طيب.. لما تقول لواحد.. انه (من حقه) على زوجته انها تطيعه.. باستخدام لفظ (الطاعة- Obediance), وده يسري على أى شئ بداية من انها تشتغل والا لأ.. تخرج من البيت والا لأ.. تزور أهلها امتى؟ والا لأ؟ وانها لو خرجت عن هذه الطاعة تبقى زوجة (ناشز).. تفتكر ايه المعتقد اللى بيتكون فى عقل هذا الشخص؟
ولما تؤكد.. وتعيد وتزيد.. ان الزوج (من حقه) ضرب زوجته (الناشز).. ضرب بمعنى الضرب.. مش بمعنى الهجر أو البعد زى ما ناس كتير حاولوا يفسروا.. وتقول ان ده يهدف للحفاظ على الأسرة.. وانه طريقة للتقويم/التأديب عن طريق كسر كرامة هذه الزوجة.. وطبعا لا ننسي الشروط: انه ضرب بالسواك (لتقويم الزوجة)!! وانه يستلزم عدم كسر العظام (فقط كسر الكرامة).. وانه -حسب البوست الشهير- ممكن يشوهك عادى ويحرمك من جمالك، ممكن يكتفك ويذلك، ممكن يستعيدك، هو الأقوى وطبيعى سيفرتكك).. تفتكر ايه نوع المعرفة الانسانية اللى بتمد بيها هذا الزوج عن نفسه.. وعن زوجته.. وعن الزواج؟
النتيجة هاتكون إيه بقى؟
هاتكون زرع مجموعة من الأفكار والمعتقدات اللى شايف أصحابها انها سليمة.. وصحيحة.. ومن حقهم..
وهاتظهر هذه النتيجة فى أشكال ودرجات كتيرة جداً.. على خط/طيف/spectrum طويل.. أول نقطة فيه هى: أنا الراجل وماينفعش تقوليلى لأ.. وآخر نقطة فيه قتل اللى بتقول لهذا الذكر (لأ).. مروراً بنقاط كتير بينهم انتم عارفينها أكتر منى..
للأسف فيه تعليقات وردود أفعال غريبة جداً من نوع (ما هو فيه ستات برضه قتلت أزواجها).. وهنا ينتحر المنطق فعلاً بعدما يصيبه العمى والخرس: طيب هاتلى ست واحدة قتلت زوجها لأنه رفض يديها (حقها الشرعي)! ليه ده ماحصلش؟ لأنه لم يتم زرع مثل هذه الأفكار والمعتقدات في عقول الزوجات تحت نفس المسميات و(الحقوق).
الكلام ده يفسر كتير من تصرفات بعض الذكور ناحية الإناث فى مجتمعاتنا.. الأصل دايماً هو تلك المنظومة المعرفية وتكوينها..
والطيف الكبير ده برضه بيفسر كتير من المواقف والسلوكيات، من أول أغنية (علشان تبقى تقولى لأ).. لغاية المرحومة نيرة أشرف ومن تلاها..
مطلوب من الجميع.. الآباء والأمهات.. ورجال الدين.. ورجال العلم.. والثقافة.. والوعى.. اننا نعرف.. ونتإكد.. وناخد بالنا.. انه:
من زرع.. حصد..
د. محمـد طـه