امبارح لقيت التايم لاين عندى تحول فجأة إلى محزنة.. ميتم.. وانفجرت تعليقات وبوستات مليانة دموع وشجن من قبيل “ايه البكا ده كله”.. “ليه الصدمة دى”.. “تويست رهيب فى الأحداث”.. “تمثيل عالى أوى النهاردة”.. “حلقة تاريخية”.. “ماعيتطش كده من زمان أوى”..

قولت حلو.. هانكتب بقى ونحلل ونتبسط كلنا

شوفت الحلقة.. وفعلاً اتصدمت.. إيه ده؟

استدرار بدائى جداً للمشاعر.. لعب على وتر العاطفة بشكل مبالغ فيه.. استقطاب شديد فى اظهار الخير والشر..

شاب جاى فى دور الشخص الطيب الساذج (خير مطلق) اللى تآمرت عليه خالته أخت أمه الشرير (شر مطلق)، وسلطت عليه واحدة تجرجره للإدمان، انتقاماً من أمه (أختها).. ولما الشاب اكتشف اللعبة حصلت بينهم مشادة انتهت بموته، أمام قسوة خالته ورفضها محاولة انقاذه.

انا عارف والله ان ده موجود.. وان فيه امهات بيعذبوا عيالهم، وآباء بيغتصبوا بناتهم، وأصعب وأقسى.. بس محدش يجيب مشهد أب بيغتصب بنته فى التليفزيون ويستدر دموع الناس.. ومحدش يعرض مشهد أم بتكوى بنتها بالنار علشان يخلى الناس تلطم وتنهار.. ليه نستجدى مشاعر الناس وصعباتياتهم بالشكل ده؟

واذعاناً بقى فى الشجن.. وامعاناً أكتر فى الأحزان والآلام.. نشوف مشهد تعرف الأم على جثة ابنها فى المشرحة، وانهيارها.. وبعدين نستعرض جنازته.. والصلاة عليه.. لغاية لحظة دخوله قبره..

إيه السذاجة دى؟ ايه الاستجداء العاطفى ده؟ ليه الاستغراق فى تفاصيل ميلودرامية بشكل مأسوى وسوداوى لهذه الدرجة؟

يا اخوانا ده اسمه ابتزاز للمشاعر مش تمثيل.. ده اجترار للآلام مش عبقرية فنية.. ده استغلال لطبيعة الناس العاطفية وتلاعب بيها..

التمثيل والفن والعبقرية هى إنك ماتحتاجش كل هذه المؤثرات العاطفية.. والتصوير البطئ.. والنحيب واللطم والاغماء والهيستيريا.. انك ماتحتاجش كل دول علشان تخترق قلب وعقل المشاهد.. دى أساليب رخيصة.. وطرق مبتذلة جداً..

ارتفعوا بوعى الناس.. ارتقوا بمشاعرهم.. تعاملوا مع عقولهم زى ما بتتعاملوا مع عواطفهم..

 

د. محمد طــه