– تم الإعلان من أسابيع إن (محمد رمضان) هايعمل حفلة فى الاسكندرية..
– ظهرت بعدها حملة اسكندرانية متصاعدة يوم بعد يوم، شعارها إن الأسكندرية لا ترحب بمحمد رمضان.. لأنه بيقدم فن مبتذل مليان بلطجة ودم وقتل وخروج عن عاداتنا وتقاليدنا بما يضر الأبناء ويعصف بالأجيال.
– الحملة صداها زاد وصوتها على.. فقرر (محمد رمضان) النزول بنفسه لشوارع الأسكندرية، ليعلن التحدى، ويشوف ويورى الناس مدى شعبيته، فى فقرة استعراضية مسرحية مفاجئة..
أنا مش من محبى ولا مشاهدى ولا مستمعى (محمد رمضان).. مش باحب اللى بيقدمه ولا باستسيغه ولا باشجعه..
ولكن..
لما (محمد رمضان) أو غيره يقرر يعمل حفلة فى اسكندرية أو فى القاهرة أو فى المنصورة أو فى المنيا أو فى أى مكان.. كل اللى هاعمله.. إنى مش هاحجز تذكرة.. ومش هاروح..
انما مش هاجمع ناس وأعمل حملة وأدشن صفحة واثبّت هاشتاج أُعلن فيه رفض (مكان فى مصر)، ان (حد مصرى) يروحه، ويعمل فيه حفلة أو ندوة أو مسرحية..
والخطورة هنا.. هى دى بالظبط..
لما بعض قاطنى محافظة مصرية يمنعوا النهاردة (فلان) من عمل حفلة.. لأنه بيقدم فن سئ..
فسكان محافظة تانى، هايمنعوا بكرة (علان) من عمل ندوة.. لأن رأيه مخالف لرأيهم.
وبعد بكرة.. مجموعة ناس فى محافظة ثالثة، أو منطقة، أو مدينة، أو قرية، هايقفلوا باب مسرح، لأنه هايعرض مسرحية مش على هواهم.. أو فيها ممثلة مش محبوبة..
وبعد بعد بكرة.. كاتب.. لأن كتبه تثير الجدل..
وبعدها لاعب كورة ضيع شوية اجوال..
وبعدها.. انتوا مش ممكن تتخيلوا ده ممكن يوصل لغاية فين..
فيه فرق بين التعبير عن الرأي والموقف.. وبين تجييش مجموعة من الناس وحشدها وتحريضها ضد شخص..
لسه..
ولما يجي بقى حد أرعن يتصرف تصرف أهوج وينزل ويلف فى الشوارع، علشان يثبت لنفسه إنه محبوب ومرغوب، وحبيب الناس والرجالة، ويكيد العوازل.. ويتجمع حواليه محبيه..
ونلاقى بعد شوية يتجمع قصادهم رافضيه..
هووووب..
احنا قدام صدام.. وصراع.. وعينك ماتشوف إلا النور..
مش عارف مين ورا الحملة دى؟ وليه؟
فعلاً مش فاهم..
ده مش تشجيع لمحمد رمضان ولا دعم ليه.. أنا قولت إنى مش باحبه ولا باحب أو حتى أطيق أشوفه أو أسمعه..
ومش حجر على رأي حد أو استنكار ليه..
كل حد حر فيما يفكر وفيما يرى..
لكن.. ده خطر.. فعلاً خطر..
ده تحويل للمجتمع من (مجتمع) إلى مجموعة (قبائل).. كل منها ليه قواعده.. وسلوكه الخاص.. وحدوده اللى بيصنعها بنفسه.. ولنفسه..
ده تحلل للمجموع.. إلى كتل منفصلة.. قد تصطدم..
ده نكوص تام من مفهوم ومعنى وممارسة الحضارة.. إلى تكوين بدائى خارج عن العرف والقانون..
ده مايفرقش أى حاجة عن (هيئة الأخلاق) اللى قتلت الفتاة الايرانية (مهسا أمينى) من يومين علشان حجابها ماكانش بالمواصفات المطلوبة.. ده مقدمات لده..
ده برضه نفس السياق اللى استخدمه اللى استحلوا دم المسكينة (نيرة) اللى اتدبحت فى الشارع، ودافعوا عن المجرم قاتلها، لأن سلوكها عليه ملاحظات-فى رأيهم.. نفس السياق بالظبط..
مش عاجبك (فلان) أو (علان) ولا اللى بيقدمه.. ماتحجزش.. ماتروحش.. ماتحضرش.. الحفلة هاتفشل.. وهايكتشف حجمه الحقيقي.. وتوصله الرسالة.. ويمكن يراجع نفسه..
ولو فوجئنا ان الحفلة نجحت (بمقياس الحضور).. وسمّعت.. وراحها عدد مهول من الناس.. يبقى نعرف احنا حجمنا، وحجم المصيبة اللى احنا فيها.. ونعيد تربية نفسنا وأولادنا من جديد..
لكن ينقلب الأمر إلى قبيلة، قررت هدم خيمة أحد عابرى طريقها..
ده -لمن يرى الصورة الأوسع- خطر..
فعلاً خطر..
وعي وأخلاق.. بدون حكمة وحسن تصرف= صفر..
د. محمـد طـه