شايف الصورة دى (الصورة الأولى- الصفراء)؟
شايف إيه؟
فراشة؟
لا.. دى مش فراشة.. دول وشين قصاد بعض.
استنى..
شايف الصورة دى (الصورة الأولى- الصفراء)؟
شايف إيه؟
وشين قصاد بعض؟
لا.. دول مش وشين قصاد بعض.. دى فراشة..
إيه رأيك؟
إيه الحكاية؟
ليه انت شوفت فراشة.. وغيرك شاف وشين قصاد بعض.. فى حين إن اللى أنا شايفه شوية حبر اسود على خلفية صفرا!!
خلينا نتكلم شوية، وبمناسبة الصور العظيمة اللى التقطها التلسكوب المعجزة جيمس ويب للكون، عن الاستقبال..
خلينا نتكلم عن الاستقبال..
***
كل حدث بيحصل.. كل موقف.. كل كلمة وجملة وتفاعل.. بيكون ليهم معنى فى دماغك..
فلان ده لما قال كذا.. كان يقصد انه بيحبنى.. وفلان ده لما بص لى بالشكل ده.. بصته ليا معناها انه بيكرهنى.. الكومنت ده على فيسبوك اللى كاتبه كان عاوز يستفزنى.. واللايك دى معناها انه مهتم بيا.. واللى سكت وماتكلمش خالص ده معناه انه بيجاهلنى..
الاستقبال.. انك تدى معنى للى بتشوفه واللى بتحسه واللى بتختبره.. انك تفهمه وتفسره وتنظمه وتترجمه وتستوعبه.. (وده غير الادراك والإحساس والوعى.. رغم ان الفروقات بينهم طفيفية)..
الصورة اللى انا شايفها ده.. معناها بالنسبة لى وشين قصاد بعض.. استقبلتها كده.. هو ده ادراكى ليها..
الصوت اللى أنا سامعه ده.. نبرته حسستنى ان اللى بيكلمنى غضبان منى..
اللمسة دى.. معناها عندى قرب ودفا.. نفس اللمسة فى توقيت تانى أو من حد تانى معناها تحرش..
الطعم ده.. حلو بالنسبة لى.. بس مش حلو خالص بالنسبة لصاحبى فلان.. مش بيحبه..
الاستقبال انك تترجم ما تختبره حواسك..
انك تفهم ما يصلك من معلومات..
انك تعي ما يحدث من خبرات..
تمام؟
لا مش تمام..
ليه؟
أقولك ليه؟
فيه شوية تفاصيل هنا.. ماعرفش انت اخدت بالك منها والا لأ..
أنا قولت (انك تدى معنى للى بتشوفه واللى بتحسه..).. أخدت بالك من كلمة (تدى)؟ يعنى انت اللى بتدى هذا المعنى..
يا نهار أبيض! يعنى إيه؟ يعنى أنا مسئول عن اللى باستقبله؟ أنا مسئول عن المعنى اللى بأديه للأشياء؟
استنى.. ماتستعجلش على الإجابة.. دى قصة كبيرة شوية.. ومعقدة شويتين..
التفصيلة التانية اللى أرجو انك تكون أخدت بالك منها: (الطعم ده.. حلو بالنسبة لى.. بس مش حلو خالص بالنسبة لصاحبى فلان).. يعنى الاستقبال ده ممكن يكون نسبى.. ممكن يختلف من شخص لآخر..
يالهوى! انت عاوز تقول ان مافيش (مطلق)؟ كل حاجة ممكن تبقى نسبية على حسب اللى بيستقبلها؟
يا سيدى.. استنى.. ماتتسرعش فى الاستقبال.. ثم الترجمة.. ثم الحكم..
ودى التفصيلة التالتة.. اللى حصلت دلوقت فوراً.. هو الاستقبال ده.. بالشكل ده.. من الشخص ده.. ممكن يوصّل لغاية فين؟
هات بقى كوباية الشاى المظبوط.. واقرا معايا الأول ايه اللى بيتحكم فى موضوع الاستقبال ده.. ايه اللى بيخليك تستقبل حاجة بشكل وغيرك يستقبلها بشكل تانى خالص.. ايه يخلي عشر بنى آدميين يفهموا نفس الخبرة أو الجملة أو الكلمة أو الصورة بعشر طرق وتفسيرات غير بعض..
***
“اللى اتلسع من الشوربة.. ينفخ فى الزبادى”..
ده مثل مصرى معروف ومعبر جداً عن أول حاجة ممكن تفرق فى ادراكك أو استقبالك للأمور.. الخبرات السابقة.. يعنى اللى اتعرض للرفض قبل كده.. هايكون حساس شوية للرفض دلوقت.. واللى وصلته رسائل رفض أو تجاهل من حد مهم فى حياته مرة ورا التانية، هايكون تفسيره لمواقف تالية فى حياته من ناس تانيين انها برضه رفض.. هايفهم صمت حد على إنه رفض.. هايفسر نظرة عين حد انها رفض.. هايترجم نبرة صوت حد على إنها توحى بالرفض..
الحاجة التانية هى دوافعك.. يعنى لو انت جعان أوى.. ومشيت شوية فى الشارع.. مناخيرك هاتشم ريحة الكفتة اللى طالعة من المحل اللى هناك ده، وهاتعلق عندها شوية.. واحتمال ريقك يجرى.. أسرع وقبل أى حاجة تانية.. لو انت محروم جنسياً.. استقبالك وفهمك وتفسيرك لحاجات ومواقف كتيرة جداً هايكون مبنى على تفسيرات جنسية.. وده موضوع تانى ليه وقت الكلام فيه..
الحاجة التالتة.. مشاعرك.. استقبالك لأى حاجة وانت محبط أو غضبان.. هايختلف عن استقبالك وفهمك وتفسيرك لنفس الحاجة وانت مبسوط أو فرحان. فيه درجات وأشكال معينة من المشاعر ممكن تعمى العيون وتشوه الاستقبال.. لما تحب حد، هاتستقبل كلامه وتفهم مواقفه وتترجم تصرفاته بطريقة.. فى حين لو حد تانى انت بتكرهه قال نفس الكلام او عمل نفس المواقف والتصرفات، فهمك وتفسيرك وترجمتك ليه هاتبقى حاجة تانية.. حبك لمطرب معين هايخلى استقبالك لمعظم أغانيه مختلف عن استقبال حد غيرك لنفس الأغانى بس مش بيحب المطرب ده.. وعلى رأى المثل: “القرد فى عين أمه غزال.. و “ضرب الحبيب زى أكل الزبيب”.. شايف المشاعر ممكن تغير (وأحياناً تُشوِه) الاستقبال لغاية فين!
فيه حاجات تانية كتير بتؤثر على استقبالك لأى حاجة.. وأى حد.. وأى موقف أو خبرة أو حدث.. الاهتمامات والميول الشخصية ليها دور.. التوقعات ليها دور.. جيناتك واستعدادك البيولوجى ليه دور.. تركيب مخك ومستوى بعض النواقل الكيميائية فيه ليها دور.. درجة الحساسية والكفاءة الوظيفية لحواسك نفسها ليها دور..
انت شايف قد إيه؟
متصور فيه كام عامل بيؤثر ويغير ويفرق ويشوه استقبالك؟
انت عارف ان أحد الأبحاث العلمية وجدت أن بعض الأطفال عندهم تغير معين فى تركيب المخ بيخليهم يستقبلوا الوجوه الحيادية Neutral Faces (اللى مش بتعبر عن شعور معين) على إنها وجوه غاضبة Angry Faces؟!
تصور ان الأطفال دول بيوصلهم ان أبوهم أو أمهم غاضبين منهم فى الوقت اللى أبوهم وأمهم مش بيبعتوا ليهم أى اشارات أو علامات فيها غضب؟
تخيل قد إيه ده ممكن يؤذى نفسيتهم ويينتهى بيهم لعدد لا حصر له من المشاكل والاضطرابات النفسية؟ متخيل ان ممكن حد يستقبل حاجة انت مابعتهاش أصلاً؟!
لسه.. لسه..
كل الحاجات اللى فاتت دى هى العوامل الموجودة فيك انت كمستقبل.. فى الشخص اللى بيحس ويوصله الاشارات والمعلومات والمواقف..
فيه عوامل تانية فى الجهة الأخرى.. فى المعلومات والصور والأصوات.. فى المواقف والأحداث اللى بيتم ارسالها لغاية ما توصلك وتستقبلها.. بيسموها Gestalt Rules of Perception.
يعنى عينك هاتلقط الحاجات اللى (شبه- Similarity) بعض أسهل وأسرع ما تلقط وتستقبل الحاجات المختلفة عن بعض.. لما تروح عند الفكهانى، عينك هاترتاح للنظر لصفوف التفاح المرصوصة مع بعض، أكتر من كام تفاحة مبعترة بين الرفوف.. علشان كده المحلات والسوبر ماركت وغيرها بيرصوا الحاجات اللى شبه بعض مع بعض.. لأن ده بيسهل ويسرع استقبالها، وبالتالى بيعها.. غالبا من غير ما يعرفوا أو يقصدوا كده..
وجود الحاجات (جنب- Proximity) بعض كمان، بيخليك تستقبلها انها ليها علاقة ببعض.. يعنى لما تدخل كافيه وتلاقى واحد واقف جنب واحدة، هاتفتكرهم مرتبطين لغاية ما تلاقى فجأة واحد جاى من بعيد ويقف جنبها ويكلمها.. لما تكون بتصور واحد صاحبك، ويجي صاحبكم اللطيف يعمله (قرون) فوق راسه بإنه يحط إيده على شكل حرف 7 ورا راسه.. اللى بيتعمل فى الفوتوشوب وتركيب أجزاء صور جنب بعض علشان تستقبلها إنها ليها علاقة ببعض (زمان فى الاستوديو كانوا يحطوا خلفيات متعددة تتصور قدامها علشان تظهر كأنك فى مكان غير الاستوديو)..
شايف قد إيه استقبالك ممكن ينخدع؟ ممكن يعاد توجيهه؟ ممكن يتم التلاعب بيه؟
طب انت عارف ان مخك أحياناً (بيملا الفراغات- Closure) فى اللى بتستقبله؟ يعنى أبعتلك أو أوريك أو أظهرلك حاجة ناقصة ومش كاملة وانت تكملها من عندك وتشوفها كاملة.. لو حطيت قدامك مجموعة نقط فى شكل مستقيم، عقلك هايستقبلها على انها خط واحد، لو كتبتلك كلمة ناقصة حرف، عقلك هايفهمها وهايكمل الحرف ده من عنده (وآجى أفاجئك بعدها بحرف تانى وتطلع كلمة تانية)..
كل الرسومات واللوحات اللى بتلاقيها على النت ويقولك يا ترى شايف ايه فى الرسمة دى، فانت تشوف وش بنت جميلة، وغيرك يشوف شجرة، وغيركم يشوف بيت.. كل واحد عيونه ربطت بعض الأجزاء وكملتها (Continuity) من عندها، وشافت حاجة غير التانية..
وكل واحد عقله بيقرر يشوف إيه فى مقدمة الصورة.. ويشوف إيه فى الخلفية (Figure/Background).. زى الصورة اللى كلمتك عنها فى الأول..
شئ مرعب.. مش كده!
طب تعرف ان ده بالظبط اللى كان بيحصل فى أفلام الرسوم المتحركة بتاعة زمان، لما كان مجموعة كبيرة من الرسامين بيرسموا عدد كبير جداً من الصور والمشاهد اللى تتعرض بالتتابع على الشاشة، واللى عقلك بيكمل أجزاء الثوانى اللى بين النقلة والتانية فيهم، علشان يشوف المشاهد كاملة..
يا نهار أبيض..
كل ده بيتحكم فى استقبالى للأمور؟
كل ده ممكن يغير ادراكى للأحداث؟
كل ده ممكن يتلاعب فى فهمى واستيعابى ورؤيتى لأى شئ؟
يا الله..
استنى.. لسه..
ده الاستقبال بالليل غير الاستقبال بالنهار.. وفى النور القوى غير فى الإضاءة الخافتة.. وفى الحر غير فى البرد والصقيع.. ولما تكون وحدك غير لما تكون وسط مجموعة.. واستقبال الشئ الثابت غير استقبال المتحرك والمتغير.. واستقبال حاجة لأول مرة غير حاجة استقبلت زيها قبل كده..
والتكرار.. والايحاء.. والسياق.. وعلاقتك بنفسك.. والأحكام المسبقة.. و…..و….
كفاية دول؟
ماشى.. كفاية دول دلوقت..
خد نَفَسك..
كمان نَفَس..
غمض عينيك.. وفتحها تانى..
وتعالى نكمل..
***
وبناء على ما سبق.. شوف يا سيدى..
الكرسى اللى انت قاعد عليه دلوقت.. الخشب الصلب اللى بيتكون منه.. هاته وحطه تحت ميكروسكوب ضخم مكبر.. هاتلاقيه مش صلب ولا أى حاجة.. هاتلاقى مسافات شاسعة بين ذراته وجزيئاته.. وكأنها تسبح فى مساحة واسعة من الهواء.. نفس الكلام ينطبق على الجدار/الحائط اللى قدامك أو جنبك دلوقت..
استقبالنا للأشياء قد يختلف أحياناً عن حقيقة الأشياء..
لون البحر الأزرق ده.. مش أزرق خالص.. انما مياه البحر امتصت كل أمواج الضوء ما عدا طول موجى معين انعكس على عينيك، وترجمه مركز الاستقبال البصرى فى المخ على ان اسمه (لون أزرق).. بص لنفس مياه البحر دى بالليل وانت تعرف..
حواسنا قد تخدعنا.. حواسك تخدعك..
وإليك هذه المفاجأة..
النجمة اللى انت شايفها فى السما فوقك دلوقت.. واللى تبعد عنك سنة أو عدة سنوات ضوئية.. ممكن ماتكونش موجودة دلوقت أصلاً.. ممكن تكون ماتت أو انفجرت أو اتحللت.. بس انت شايفها لأنها أرسلت ضوئها فى الفضاء من سنة أو عدة سنوات (معنى سنة ضوئية يعنى المسافة اللى يقطعها الضوء فى سنة).. تصور؟
الصور اللى التقطها التلسكوب الجبار جيمس ويب، واللى نشرتها وكالة ناسا الفضائية من أيام، بتوضح لينا مجرات بعضها على بعد 13 مليار سنة.. عارف ده معناه إيه؟ معناه ان النجوم والمجرات دى أرسلت موجات الضوء بتاعتها للفضاء من 13 مليار سنة، يعنى معظمها دلوقت إما غير مكانه، أو حجمه، أو انتهى من الوجود أصلاً.. لكننا شايفينها.. انت قادر تشوف بعينيك الكون من 13 مليار سنة.. انت شايف بعينيك حاجة مش موجودة فى الحقيقة..
تصور انك مش بس استقبالك ممكن يتغير أو يتشوه أو ينخدع بعدة عوامل ومتغيرات.. ده انت ممكن تستقبل حاجة مش موجودة أصلاً..
وبعدين بقى؟!
انت هاتشككنا فى نفسنا ليه يا دكتور؟
ده أنا كده هاشك فى كل حواسي واللى باستقبله منها..
لا.. ماتشكش..
عارف الأفلام الأجنبية اللى فيه فى آخرها تويست درامى يقلب الأحداث ورؤيتك وفهمك ليها رأساً على عقب؟ ويخليك تخس انك كنت شايف وفاهم، بس فى الحقيقة انت ولا كنت شايف ولا كنت فاهم..
تأكد بقى بما لا يدع مجالأ للشك.. ان حواسك بتخدعك..
وانك دائماً ترى جزءاً من الحقيقة..
ليس أكثر..
***
اتكلمت فى فصل (انت شايفنى؟) من كتاب (علاقات خطرة) عن ظاهرة نفسية اسمها الطرح Transference .. اللى فيها انت ممكن تستقبل حد معين وتتعامل معاه على إنه حد تانى خالص.. تبقى باصص له وسامعه وحاسه ولامسه.. لكن رد فعلك ليه.. ومشاعرك ناحيته.. ماتكونش بتخصه هو.. وتكون بتخص صورة قديمة فى ذهنك..
الاستقبال بيمحى الحواجز بين الحاضر والماضى والمستقبل..
استقبالك واحساسك للزمن نفسه ممكن يتغير ولا يثبت.. الساعة قدام فيلم أو مسلسل بتحبه، بتعدى أسرع بكتير من نفس الساعة وانت قاعد مستنى القطر على المحطة.. وعلى رأى الست أم كلثوم: “ماحناش حاسين.. العمر ثوانى والا سنين”..
شايف موضوع الاستقبال ده واصل لغاية فين؟
واصل من داخل نفسك وبيتك وعلاقاتك.. لأبعد نقطة فى الكون..
مستغرق داخلك حتى قلبك.. وممتد خارجك حتى الفضاء السحيق..
يبدأ من خلايا مخك.. وينتهى داخل الثقوب السوداء..
بالمناسبة.. الفصل الأول فى كل كتب ومراجع علم النفس هو فصل الPerception.. الاستقبال..
وبالمناسبة برضه.. أنا لسه ماتكلمتش عن اضطرابات الاستقبال.. ايه اللى يحصل لو جهاز الاستقبال عندنا باظ أو تعطل أو حصل فيه مشكلة.. كل اللى فات ده هو الاستقبال الطبيعى اليومى العادى.. واللى شوفنا فيه ازاى أصلاً ممكن استقبالنا وحواسنا تتلاعب بينا..
الخداع البصرى Optical illusion.. هو أحد اضطرابات الاستقبال.. انك تشوف الجلابية المتعلقة على الشماعة كأنها راجل واقف جنب الباب..
التمويه Camouflage اللى بتمارسه بعض الكائنات علشان تستخبى من أعدائها بأنها تعيش وسط بيئات ليها نفس ألوانها، واللى بيخلى الجنود يلبسوا لبس أصفر فى الصحراء والجبال.. علشان يخدعوا استقبال أعدائهم ويصيبوه بالاضطراب..
انك تعدى بموقف وتحس انك عديت بنفس الموقف قبل كده.. اللى بيسموها ظاهرة الDeja Vu.. دى أحد اضطرابات الاستقبال (فى أحد تفسيراتها)..
بعض مرضى الهوس.. بيسمعوا الأصوات أعلى من حقيقتها.. ويشوفوا الألوان أزهى من أصلها..
بعض مرضى الاكتئاب.. بيسمعوا ويشوفوا العكس..
وبعض مرضى الذهان.. بيشوفوا ويسمعوا ويحسوا ويستقبلوا.. حاجات مش موجودة أصلاً..
لحظة واحدة يا دكتور..
مش انت لسه قايل اننا لما بنبص للنجوم فوقنا، ولما شوفنا صور المجرات بتاعة ناسا، استقبلنا حاجات ممكن ماتكونش موجودة دلوقت أصلاً..
وهنا..
سأصمت قليلاً.. أو كثيراً..
لأن الفاصل بين الحقيقة.. والوهم..
والواقع.. والخيال..
سيبدأ فى التلاشى..
انت عارف لو الوضع اتعكس هايحصل إيه؟
يعنى لو روحنا للقمر فى يوم ما.. ووجهنا تلسكوب جيمس ويب للأرض علشان يصورها، هايبعتلنا صور من قد إيه؟ من 1.3 ثانية ضوئية (دى المسافة الضوئية بين الأرض والقمر).. طيب ولو روحنا أبعد؟ عشر سنين ضوئية.. هانشوف دلوقت صور حصلت على الأرض من عشر سنين.. طب لو روحنا أبعد؟ الفين سنة ضوئية.. هاتشوف بعينيك وبكل تفصيل ماذا حدث/يحدث أمام عينيك على الأرض من الفين سنة..
خلينا نصمت قليلاً ..أو كثيراً.. شوية بقى..
***
شوفت فيلم Focus؟ وتأثير الإيحاء على الاستقبال؟
طب قرأت عن تجربة سولومون آش بتاعة ال Group Comformity.. وتأثير المجموعات على استقبال أفرادها؟
واللا فيلم Fight club؟ أو The Others؟ أو Beautiful Mind؟ أو Sixth Sense؟
طب Interstellar؟
سمعت عن نظرية الجيشتالت القائمة كلها على الاستقبال؟
ماشوفتهومش ولا سمعت عنهم؟
طيب..
تعرف حكاية انك تبص على القمر.. وتشوف الأشكال والظلال اللى فيه
على إنها مرة (أرنب).. ومرة (أصابع يد).. وغيرك يشوفها إنها (وجه رجل).. أو (وجه امرأة).. أهو الشكل اللى بتشوفه ده بيتحكم فيه حالتك النفسية، ودرجة الإضاءة، وخبرات حياتك السابقة، وكل العوامل اللى فاتت دى..
من أشهر اختبارات القياس النفسي، اختبار لطيف اسمه اختبار رورشاخ.. عبارة عن بقع من الحبر موجودين على ورقة (أحياناً بيضاء وأحياناً ملونة)، وبيتم سؤالك: انت شايف إيه؟
ومن خلال إجابتك إيه اللى انت شايفه ده (واللى غيرك هايشوف غيره)، بيتم تحديد بعض خصائص شخصيتك، وطريقة تفكيرك، وبعض مكونات عالمك النفسي الداخلى اللى بتقوم بإسقاطها على اللى انت شايفه..
شئ مبهر وعجيب..
تفتكر مين أول حد فكر يستخدم تفسير الشخص لتصاميم مبهمة فى تقييم شخصيته؟ ليوناردو دافنشى.. أيوه الفنان المعروف..
***
الحقيقة..
إيه هى الحقيقة؟
وأى حقيقة نقصد أصلاً؟
الحقيقة اللى انت شايفها دلوقت؟ واللى ممكن غيرك يكون مش شايفها أصلاً.. أو شايف غيرها ومتأكد ان هى دى الحقيقة برضه..
والا الحقيقة اللى انت بتفهمها تانى دلوقت بشكل جديد؟
والا الحقيقة اللى هى ولا دى ولا دى؟
الصورة اللى قدام عينيك.. والا حقيقتها اللى من 13 مليار سنة؟
الاحساس اللى انتى حاساه ناحية حبيبك؟ والا أصله اللى كان ناحية والدك أو والدتك؟
الصلب المصمت اللى هو مش صلب ولا مصمت.. والا السائل اللى هو مش سائل.. والا اللون اللى هو مش لون؟
الحقيقة اللى هى الفراشة؟ واللا الوجهين قصاد بعض؟
واللا الأجزاء اللى عقلك كملها من عنده؟
واللا ترجمتك وفهمك وتفسيرك على حسب ميولك ومشاعرك واحتياجاتك؟
أى حقيقة فى كل دول؟
فين الحقيقة وسط كل دول؟
إيه ده؟
هو موضوع الاستقبال ده هايدخلنا فى الفلسفة؟
فى الحقيقة؟
فى معنى الحقيقة؟
فى النسبية؟
هو احنا هاندخل علم النفس، فى الفيزياء، فى الفلسفة، والا إييييه؟
وبعدين طيب؟
مش عارف..
بجد مش عارف..
عاوز تفتح عينيك أكتر؟
والا نخلينا كده أحسن؟
طب عارف انك بتستقبل وانت نايم؟
والا.. بلاااش..د. محمــد طــه