اليوم أتم من العمر ٤٨ عاماً..
لماذا أكتب؟
مغاغة (١٩٧٥- ١٩٩٢)
بدأت أكتب فى ثانوى.. كنت باكتب قصص قصيرة بدون أن أكتب لها نهاية، كان يجيد صياغة نهايتها صديقى (علاء).. وابعتها بالبوسطة لجرنال (المساء) أو (الأهرام المسائى).. وأكون فى منتهى السعادة لما ينشروها.
كنت باكتب علشان اكتشف وأمارس موهبة..
المنيا (١٩٩٢- ٢٠٠٠)
فى كلية الطب.. كملت كتابة القصص القصيرة.. وبدأت أكتب كمان مقالات يتم نشرها فى مجلات الكلية المختلفة.. ده إلى جانب التبييضات والملخصات اللى كنت باعملها للمواد الدراسية، يصورها ويذاكر منها الزملاء من الدفعة والدفعات التالية..
كنت باكتب من أجل التشجيع والتفرد والحصول على مكان متميز وسط الزحام..
بعد الجامعة مباشرة.. وبعد كتير من القراءة والاطلاع.. كتبت كتاب كامل بخط يدى (محدش قرأه غيرى).. فى أجندة زرقاء صغيرة.. قمت بتجليدها والاحتفاظ بها.. وأسميته (فلسفة الحب).. كان فيه خليط وتجميع لكتير من الأفكار اللى قرأتها عن المرأة.. والرجل.. والعلاقة بينهم..
كنت باكتب لجمع وهضم واستيعاب المعرفة..
كولشيستر (٢٠٠٦-٢٠٠٨)
أثناء تحضيرى للدكتوراة فى انجلترا.. اتعلمت عمل وتصميم المواقع.. وعملت لنفسي موقع اكتب عليه بعض المقالات ليقرأها أى شخص بالعالم.. كانت الكتابة بداية مشروع كبير.. لم تتحدد ملامحه بعد..
القاهرة (٢٠١٤-٢٠٢١)
بعد المرور بتجارب.. وخبرات.. منها ما هو مشوق.. وما هو صادم.. ما هو سعيد.. وما هو مؤلم.. جلست على الأريكة منهكاَ فى شقة استأجرتها للتو.. وحقائب ملابسي حولى.. لأكتب:
“قواعد العلاقات الأربعون- القاعدة الأولى: مافيش فى معظم العلاقات ضحية وجانى.. فيه حد ظلم.. وحد سمح بالظلم”..
كنت أرجع بعدها من عيادتى كل يوم أكتب مقال.. وأنزله على صفحتى الخاصة على فيسبوك.. حتى اقترح عليا أحد الأصدقاء عمل صفحة عامة.. ثم جمْع المقالات فى كتاب.. وأصبحت (قواعد العلاقات الأربعون) تحمل اسم (علاقات خطرة).. بعد (الخروج عن النص).. ثم باقي الكتب..
كنت أكتب للاستبصار والاستشفاء الذاتى..
استقبال الكتب كان فوق تصورى.. وانتشارها ونجاحها تخطى توقعاتى، بل حتى أحلامى.. وأصبح هناك هدف ومعنى جديد للكتابة.. أن أكتب من أجل التوعية النفسية..
ليفربول- مايو ٢٠٢٣
الوعي النفسي ارتفع كتير فعلاً.. والمفردات والمفاهيم النفسية دخلت معظم البيوت ومعظم العلاقات.. والأبعاد والأعماق النفسية والعلاقاتية بقى ليها مكان حقيقي ومحترم فى الشارع.. والمكتبة.. والدراما..
ليتجدد السؤال: لماذا أكتب؟
واجابتى اليوم..
أكتب.. للبحث عن الحقيقة..
بعد ما حطمت مطرقة الوعي فى رأسي أصناماً معرفية كانت لا تسمح بالاقتراب منها..
وبعد ما أصبحت الأسئلة أكثر من الإجابات..
وبعد ما تكتشف بنفسك ان كل ما تراه، ما هو إلا انعكاس لك..
وأن كل ما تستقبله، هو صورك المختلفة فى مرايا الكون..
وأن كل ما تدركه وتفهمه وتحسه، هو تجليات العالم الذى داخلك.. وليس خارجك..
الرحلة الآن تقترب من كهف الوصول..
حيث الأسيرة الجميلة المُكبلة، بجوار الكنز..
واللى هاتُفاجئ بعد ما تفك قيودها.. وتحررها.. وتقف أمامها محدقاً فى ذهول..
أنها.. نفسك..
تأكد أنك فى نهاية رحلة الوعي..
وبعد خوض كل المعارك.. والمواجهات.. والولادات الروحية المتتالية..
ستجد أمامك.. نفسك..
كل عام وأنا وأنتم طيبين..
د. محمــد طـه