فيه حكاية شهيرة فى أحد فروع العلم اسمها حكاية سالى وآن.. الحكاية دى بتقول إن (سالى) كان عندها سلة، و(آن) عندها صندوق.. (سالى) حطت الكورة بتاعتها فى السلة ومشيت.. قامت (آن) واخدة الكورة من سلة (سالى) وحطتها فى الصندوق بتاعها.. تفتكروا (سالى) لما ترجع هاتدور على الكورة فين؟
طبعاً الإجابة المنطقية والصحيحة هى إن (سالى) هاتدور على الكورة مكان ما سابتها.. يعنى فى السلة.. رغم إنها مش فى السلة.. ورغم إن صاحبتها (آن) عارفة ومتأكدة إن الكورة مش فى السلة.. ورغم إن حضرتك شخصياً كمان متأكد من كده..
الكلام ده معناه إيه؟
معناه إن مش لازم اللى حضرتك تكون شايف ومتأكد إنه صح يكون من وجهة نظر حد تانى غيرك صح برضه.. لأن المعلومات والمعطيات اللى عند حضرتك ممكن تكون مختلفة تماماً عن المعلومات والمعطيات اللى عند غيرك..
مش لازم اللى انت عارفه ومصدقه يكون هو بس اللى لازم يتعرف ويتصدق.. مش شرط اللى حضرتك تكون مقتنع بيه، يكون هو نفسه اللى لازم كل الناس تقتنع بيه.. ماينفعش تكون لوحدك انت اللى صح.. وغيرك كلهم غلط.. مهما كان عندك حجج وبراهين..
غيرك من حقه يفكر.. ويجتهد.. ويوصل.. بطريقته المناسبة ليه.. ومن خلال السكة اللى هو شايفها أفضل (باستثناء القتل والإرهاب طبعاً)..
زى مانت شايف غيرك إنه غلط.. هو برضه شايف إنك غلط.. وزى مانت متأكد إنك صح.. هو برضه متأكد إنه صح..
بلاش نصادر على رأى غيرنا..
بلاش نتصور إننا نملك الحقيقة الكاملة..
بلاش نحتقر المختلف معانا فى الرأى أو الفكر أو الدين أو اللبس أو أى حاجة..
النظرية دى اسمها Theory of Mind.. ومعناها قد إيه حضرتك تقدر تحط نفسك مكان غيرك وتفكر بنفس طريقة تفكيره المبنية على عوامل كتير أوى تختلف من شخص لآخر..
بالمناسبة.. هى دى الخطوة الأولى فى سبيل إننا نفهم بعض.. ونعذر بعض.. ونقبل بعض..
وكمان هي علامة مهمة جداً من علامات النمو النفسى، والنضج الإنساني..
اقروا بقى المقال من الأول..
د. محمد طه