فيه رواية شهيرة لأجاثا كريستى اتنشرت سنة 1934، اسمها (جريمة فى قطار الشرق السريع).. الرواية عبقرية بالمعنى الحرفى.. وبتحكى عن شخص وجد مقتولاً في أحد القطارات.. ويقوم بطل الرواية (المحقق بوارو) بمجهود كبير وذكاء خارق بحل لغز الجريمة.. علشان يكتشف إن الجانى.. هم كل ركاب القطار.. كلهم.. كلهم بدون استثناء..
***
“ماما ياريت تفهميني.. أنا مش البنت دي.. ودي صور متركبه والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا. أنا يا ماما بنت صغيرة ماستاهلش اللي بيحصلي ده.. أنا جالي اكتئاب بجد. أنا يا ماما مش قادرة.. أنا بتخنق وتعبت بجد. حرام عليكم أنا متربية أحسن تربية”..
دى كانت آخر كلمات كتبتها (بسنت).. الطفلة اللى عندها 17 سنة من ساعات.. قبل ما تنتحر.. أيوه.. تنتحر.. تموت نفسها..
بسنت انتحرت لأن أحد شباب قريتها الصغيرة ابتزها بصور.. ولما رفضت ابتزازه.. نشر الصور .. والناس شافتها.. والأهل منهم.. البنت خافت.. واكتئبت.. واتحاصرت بين الإحساس بالعار من ناحية.. وعدم تصديق أقرب الناس ليها من ناحية.. و.. موتت نفسها.. انتحرت.. الله يرحمك يا بسنت..
***
عارفين بسنت ماتت ليه؟
ماتت بسبب الخوف.. انتحرت علشان خافت من الفضيحة.. خافت من رد الفعل والعقاب.. خافت من أهلها..
عارفين مين اللى قتل بسنت؟
احنا.. كلنا.. كل مستقلى قطار الشرق السريع الأرعن المتهور..
تصور حد يقتل نفسه علشان خايف من أهله وناسه.. تصور حد يتخلص من حياته علشان مش لاقى حد يصدقه.. تصور الرعب اللى كان جوه بسنت كان واصل لغاية إيه؟
قطار الشرق قطار مخيف.. قطار غير آمن.. قطار متهور ومندفع.. قطار لا يرحم لا ركابه.. ولا منتظريه.. ولا حتى من فاتهم..
اللى قتل بسنت هو هذا المجتمع.. اللى بيتعامل مع أي أنثى على أنها مشروع فضيحة.. ويبقى عاوز يجوزها بسرعة علشان (يسترها)..
اللى قتل بسنت هو هذه الثقافة.. الكارهة للمرأة.. الخائفة منها.. اللى الود ودها تعيد وأدها تحت التراب من جديد..
اللى قتل بسنت هو هذه العقلية.. اللى تبرر التحرش (بملابس المرأة).. وتبرر الاغتصاب الزواجى (بحق الرجل).. وتبرر الغلاء (بكشف رأس النساء)..
المجرم الحقيقي هو اللى وصل لبنات هذه المنطقة من العالم انهم مستباحين من أي حد.. في الطريق.. في الشغل.. بواب العمارة اللى ساكنة فيها.. من أي عيل صغير ماشى في الشارع..
القاتل الحقيقي هو اللى زرع في نفوس بناتنا الخوف والتردد وعدم الإحساس بالأمان..
المغتال الحقيقي هو اللى انتزع من كل بنت ملكية نفسها.. وملكية جسمها.. وملكية عقلها..
كل عائلة بتقول لبنتها لما تيجى تشتكيلهم ان حد اتحرش بيها: “اسكتى بلاش فضايح”، هي شريكة في جريمة قتل (بسنت)..
كل أهل مش بيسمعوا بنتهم، ومش بيصدقوها، ومش بيخلوا ليها الأولوية على كل شيء، ومش بيعلموها تهدد اللى يبتزها بأنها هى اللى تقول لأهلها مش العكس.. هم شركاء أصلاء في هذه الجريمة..
كل أب بيستعر من أنوثة بنته.. كل أخ بيقهر أخته.. كل أم بتسجن بنتها في خاقاتها وصراعاتها مع نفسها.. قتلوا بسنت مع سبق الإصرار والترصد..
الآراء اللى بتنشر بشكل شبه يومى، عن بنطلون المرأة، وحذاء المرأة، وعطر المرأة.. وكلام المرأة.. وسكوت المرأة.. ونوم المرأة.. واستيقاظ المرأة..
البوستات اللى بتجرّم الفن.. وتحرّم الرياضة.. وتحارب العلم..
الفيديوهات اللى مش بتعمل غير حاجتين.. ياتحسسك بالذنب.. ياتملاك بالخوف..
كل اللى ماسك سكين الأحكام فى إيده.. بيقطع بيه ايدين الناس وأرجلهم..
كل اللى مسلط سيف التدين المزيف على رقاب عباد الله..
كل اللى منصب نفسه إله أو نصف إله.. وعاوز الكون يمشى فى اتجاهه هو وحده..
كلهم شركاء.. ومتضامنين.. ومدبرين.. ومنفذين..
اللى كسروا باب شقة فتاة دار السلام.. واقتحموها.. واتهموها فى عرضها.. لدرجة انها رمت نفسها من الدور السادس وماتت.. هما برضوا اللى موتوا بسنت..
اللى صور الست اللى طالعة في بلكونة شقتها بدون علمها، ونزل الفيديو على الانترنت بدون رضاها.. علشان الشرطة تروح تقبض عليها.. هو أحد قتلة بسنت..
اللى صور المُدرسة اللى كانت بترقص على مركب في رحلة ترفيهية غير دراسية بغير اذنها.. ونشر الفيديو على النت بغير موافقتها .. علشان تتحول للنيابة العامة.. هو أحد قتلة بسنت..
واللى دوروا وبحثوا عن كل الفيديوهات دى ولعابهم سايل على ألسنتهم.. وبعدها قعدوا يتكلموا عن الأخلاق والفضيلة.. وهم أصحاب أحد أعلى معدلات التحرش فى العالم..
واللى تفحصوا وتمحصوا في محتوى الفيديوهات.. ثم انتصبت أصابعهم على شاشات تليفوناتهم باللعن والسباب.. وهم أحد أكبر الباحثين عن كلمة (جنس) على محرك بحث (جوجل) فى الكون..
واللى فهّم كل دول انهم ليهم الحق فى اختراق خصوصية الناس.. والتعدى على حدودهم.. وتجاوز خطوطهم الحمراء.. تحت أى مسمى وأى ادعاء.. من أول النصيحة المبطنة بالوصاية.. إلى النظرة الخافية للتهديد..
قطار الشرق صدئ أرعن..
قطار الشرق منافق مُراءى..
قطار الشرق مختال فخور..
قطار الشرق يدهس كل ما هو جميل..
قطار الشرق يكره كل ما هو برئ..
قطار الشرق يطفئ كل ما هو مضئ..
قطار الشرق.. كل ركابه جناة.. شاركوا في الجريمة..
بسنت ماتت خايفة..
ماتت وحيدة..
ماتت مظلومة..
وعند الله تجتمع الخصوم..
ربنا يرحمك يا بسنت.
***
“ماما ياريت تفهميني.. أنا مش البنت دي.. ودي صور متركبه والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا. أنا يا ماما بنت صغيرة ماستاهلش اللي بيحصلي ده.. أنا جالي اكتئاب بجد. أنا يا ماما مش قادرة.. أنا بتخنق وتعبت بجد. حرام عليكم أنا متربية أحسن تربية”..
دى كانت آخر كلمات كتبتها (بسنت).. الطفلة اللى عندها 17 سنة من ساعات.. قبل ما تنتحر.. أيوه.. تنتحر.. تموت نفسها..
بسنت انتحرت لأن أحد شباب قريتها الصغيرة ابتزها بصور.. ولما رفضت ابتزازه.. نشر الصور .. والناس شافتها.. والأهل منهم.. البنت خافت.. واكتئبت.. واتحاصرت بين الإحساس بالعار من ناحية.. وعدم تصديق أقرب الناس ليها من ناحية.. و.. موتت نفسها.. انتحرت.. الله يرحمك يا بسنت..
***
عارفين بسنت ماتت ليه؟
ماتت بسبب الخوف.. انتحرت علشان خافت من الفضيحة.. خافت من رد الفعل والعقاب.. خافت من أهلها..
عارفين مين اللى قتل بسنت؟
احنا.. كلنا.. كل مستقلى قطار الشرق السريع الأرعن المتهور..
تصور حد يقتل نفسه علشان خايف من أهله وناسه.. تصور حد يتخلص من حياته علشان مش لاقى حد يصدقه.. تصور الرعب اللى كان جوه بسنت كان واصل لغاية إيه؟
قطار الشرق قطار مخيف.. قطار غير آمن.. قطار متهور ومندفع.. قطار لا يرحم لا ركابه.. ولا منتظريه.. ولا حتى من فاتهم..
اللى قتل بسنت هو هذا المجتمع.. اللى بيتعامل مع أي أنثى على أنها مشروع فضيحة.. ويبقى عاوز يجوزها بسرعة علشان (يسترها)..
اللى قتل بسنت هو هذه الثقافة.. الكارهة للمرأة.. الخائفة منها.. اللى الود ودها تعيد وأدها تحت التراب من جديد..
اللى قتل بسنت هو هذه العقلية.. اللى تبرر التحرش (بملابس المرأة).. وتبرر الاغتصاب الزواجى (بحق الرجل).. وتبرر الغلاء (بكشف رأس النساء)..
المجرم الحقيقي هو اللى وصل لبنات هذه المنطقة من العالم انهم مستباحين من أي حد.. في الطريق.. في الشغل.. بواب العمارة اللى ساكنة فيها.. من أي عيل صغير ماشى في الشارع..
القاتل الحقيقي هو اللى زرع في نفوس بناتنا الخوف والتردد وعدم الإحساس بالأمان..
المغتال الحقيقي هو اللى انتزع من كل بنت ملكية نفسها.. وملكية جسمها.. وملكية عقلها..
كل عائلة بتقول لبنتها لما تيجى تشتكيلهم ان حد اتحرش بيها: “اسكتى بلاش فضايح”، هي شريكة في جريمة قتل (بسنت)..
كل أهل مش بيسمعوا بنتهم، ومش بيصدقوها، ومش بيخلوا ليها الأولوية على كل شيء، ومش بيعلموها تهدد اللى يبتزها بأنها هى اللى تقول لأهلها مش العكس.. هم شركاء أصلاء في هذه الجريمة..
كل أب بيستعر من أنوثة بنته.. كل أخ بيقهر أخته.. كل أم بتسجن بنتها في خاقاتها وصراعاتها مع نفسها.. قتلوا بسنت مع سبق الإصرار والترصد..
الآراء اللى بتنشر بشكل شبه يومى، عن بنطلون المرأة، وحذاء المرأة، وعطر المرأة.. وكلام المرأة.. وسكوت المرأة.. ونوم المرأة.. واستيقاظ المرأة..
البوستات اللى بتجرّم الفن.. وتحرّم الرياضة.. وتحارب العلم..
الفيديوهات اللى مش بتعمل غير حاجتين.. ياتحسسك بالذنب.. ياتملاك بالخوف..
كل اللى ماسك سكين الأحكام فى إيده.. بيقطع بيه ايدين الناس وأرجلهم..
كل اللى مسلط سيف التدين المزيف على رقاب عباد الله..
كل اللى منصب نفسه إله أو نصف إله.. وعاوز الكون يمشى فى اتجاهه هو وحده..
كلهم شركاء.. ومتضامنين.. ومدبرين.. ومنفذين..
اللى كسروا باب شقة فتاة دار السلام.. واقتحموها.. واتهموها فى عرضها.. لدرجة انها رمت نفسها من الدور السادس وماتت.. هما برضوا اللى موتوا بسنت..
اللى صور الست اللى طالعة في بلكونة شقتها بدون علمها، ونزل الفيديو على الانترنت بدون رضاها.. علشان الشرطة تروح تقبض عليها.. هو أحد قتلة بسنت..
اللى صور المُدرسة اللى كانت بترقص على مركب في رحلة ترفيهية غير دراسية بغير اذنها.. ونشر الفيديو على النت بغير موافقتها .. علشان تتحول للنيابة العامة.. هو أحد قتلة بسنت..
واللى دوروا وبحثوا عن كل الفيديوهات دى ولعابهم سايل على ألسنتهم.. وبعدها قعدوا يتكلموا عن الأخلاق والفضيلة.. وهم أصحاب أحد أعلى معدلات التحرش فى العالم..
واللى تفحصوا وتمحصوا في محتوى الفيديوهات.. ثم انتصبت أصابعهم على شاشات تليفوناتهم باللعن والسباب.. وهم أحد أكبر الباحثين عن كلمة (جنس) على محرك بحث (جوجل) فى الكون..
واللى فهّم كل دول انهم ليهم الحق فى اختراق خصوصية الناس.. والتعدى على حدودهم.. وتجاوز خطوطهم الحمراء.. تحت أى مسمى وأى ادعاء.. من أول النصيحة المبطنة بالوصاية.. إلى النظرة الخافية للتهديد..
قطار الشرق صدئ أرعن..
قطار الشرق منافق مُراءى..
قطار الشرق مختال فخور..
قطار الشرق يدهس كل ما هو جميل..
قطار الشرق يكره كل ما هو برئ..
قطار الشرق يطفئ كل ما هو مضئ..
قطار الشرق.. كل ركابه جناة.. شاركوا في الجريمة..
بسنت ماتت خايفة..
ماتت وحيدة..
ماتت مظلومة..
وعند الله تجتمع الخصوم..
ربنا يرحمك يا بسنت.
د. محمــد طــه