كلنا تابعنا -ولازلنا متابعين- التربند بتاع (الزوجة مش ملزمة)..
تفتكروا ليه الموضوع ده أخد الحجم الكبير ده، وليه تحول لتريند طويل عريض أخد وقت طويل نسبياً.. أو بمعنى آخر: هو التريند ده عاوز يقول إيه؟
كل سلوك مجتمعى -زى كل سلوك فردى- ليه معنى ظاهر وواضح.. وليه معنى (وأحياناً معانى) باطنة وخفية.. نفس فكرة العقل الظاهر والعقل الباطن بالنسبة للأفراد.. هى هى فيما يخص العقل الظاهر والعقل الباطن بالنسبة للمجتمعات..
تعالوا نشوف..
– فى الآونة الأخيرة -للى قادر يتابع ويلاحظ- فيه تصاعد واضح من بعض من ينسبون أنفسهم (زوراً) للدعوة، فى انتقاء وعرض بعض الأحكام والفتاوى الخاصة بالمرأة، وبتفاصيل تفاصيل أحوالها، وبشكل مختزل غالباً، خاصة حقوق الزوج على زوجته، من أول انه ينام معاها على غير رغبتها (والا فالملائكة تبات تلعنها، وانه من حقه يضربها، وممكن يبطل يصرف عليها)، لغاية إنه يتجوز عليها بدون علمها ولا موافقتها.. ويصل الأمر للجملة الشهيرة السادية المريضة بتاعة (ممكن يشوهك عادي ويحرمك من جمالك، ممكن يكتفك ويذلك، ممكن يستعبدك.. هو الأقوى وطبيعي سيفرتكك)..
– الرسايل دى كانت بتوصل بشكل مضطرد ومتكرر.. وفيه كتير من التعالى والفوقية والفرض وكثير من العنف (النفسي)، والحدة، وأحياناً التحريض.
– ده وصّل لكتير من الستات ان فيه اصرار شديد، وضغط متزايد، وتأكيد متكرر بدون مبرر ان دورهم (فى مؤسسة الزواج بشكل خاص) هو دور (خدمى) بالأساس، آداة.. تؤدى وظائف محددة.. ب Job description معد مسبقاً.. دور فيه استسلام مش قبول.. واذعان مش حرية.. واضطرار مش اختيار..
– مش بس كده.. كلنا تابعنا بكل أسي اللى حصل لثلاث فتيات زى الورد لمجرد إنهم قالوا (لأ).. وده مش عنف نفسي.. ده عنف حقيقي لا يمكن فصله بأى حال من الأحوال عن السياق العام لما يحدث فى العلاقة بين الرجل والمرأة فى الوقت الحالى..
– ضغط.. ضغط.. ضغط.. متزايد ومحموم ومتكرر، وكأنه وساوس قهرى يصر أصحابه على تأكيده كل شوية، علشان يقدروا يسيطروا ويعملوا أكبر قدر من الكونترول على قلقهم وخوفهم وشعورهم بالتهديد من الأنثى والأنوثة وما يتبعهما..
– لسان حال الستات قرر يتكلم.. ويرد…. ومايسكتش.. ويعلن عن نفسه.. مش انتوا عمالين تجيبولنا (من فهمكم للشرع)، ما يضعنا فى هذه الأدوار، ويلزمنا بتلك المهام.. طيب احنا برضه هانجيبلكم من الشرع، كل اللى انتوا ناسينه.. أو مطنشينه.. أو متغاضين عنه.. ما يحررنا من كل اللى انتم بتحاولوا تقيدونا بيه..
– يعنى تريند -وأنا هاسميه موقف- الزوجة مش ملزمة.. هو رد مفهوم ومتوقع على موقف آخر عمال ينمو ويتضخم ويتعملق اسمه (انتى ملزمة ومجبرة ومالكيش اختيار)..
– الست اللى اتعمل منها (وهى قبلت) لعقود طويلة كبش فداء يحمل أوزار هذه التركيبة المجتمعية، قررت تتخلى عن هذا الدور، وتنزل من على المسرح.. وتطلع الطرف الآخر مكانها..
– العقل الباطن سواء الفردى أو الجمعى بيشتغل ببعض قوانين الفيزياء.. يعنى فى حالتنا نقدر نشوف ان (كل فعل له رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه).. وده بيحصل فى حاجات كتير من أول المعاملات اليومية.. وحتى العلم ذات نفسه.. لغاية ما الأمور بتوصل لشكل متوسط فيه توازن واعتدال..
– وده بقى اللى يخلينا نحاول نقرا اللى بين السطور فى هذا التريند.. ونستكشف ما تحت سطح هذه القشرة المجتمعية.. لأن كل ما يقال عنه انه تريند.. هو فى الحقيقة عامل زى الانفجارات البركانية الصغيرة.. اللى بتقولنا شئ مهم عن اللى بيحصل تحت السطح..
– إيه بقى اللى بيحصل تحت السطح؟ ايه أخبار مؤسسة الزواج من الداخل بعيداً عن اللافتات البراقة وصور حفلات الأفراح والخطوبات؟ المعاملة بعد أول سنة جواز شكلها إيه؟ لو المؤسسة دى بدأت تفشل بنعمل إيه؟ طب وولو فشلت؟ طيب محاكم الأسرة أخبارها إيه؟
– فى كتير من الدول والمجتمعات.. بيكون فيه مراكز وجهود بحثية خاصة، ترصد كل تريند وتحلله وتدرس معناه الظاهر والباطن.. وتتابعه من ظهوره وحتى اختفائه.. علشان نفهم هو جاى منين.. وبيقول إيه.. ونستفيد منه إزاى.. مهما كان التريند ده شكله تافه.. أو غريب.. أو مستهجن.
– طبعاً التريند ده (المرأة مش ملزمة) زود الشعور بالتهديد لدى الطرف الآخر.. فراح هو كمان لأقصى الناحية التانية.. وقالك لأ بقى.. ده أصلاً مش ملزم كمان بكذا.. وكذا..
– وهايفضل تريند يرد على تريند.. خاصة فى الموضوع ده.. وتصاعد هنا قصاد تصاعد هناك.. لغاية ما يعاد النظر بشكل جذرى وكامل وشامل فى كل ما يخص أعراف وقواعد وتفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة فى هذا المجتمع.. واللى عمالة تعلن -من فترة- بكل الأشكال والصور وتقول:
العلاقة بين الرجل والمرأة محتاجة مراجعة..
محتاجة إعادة نظر..
محتاجة حد ينقذها.. ويلحقها..
قبل ما تنهار..
أو تنفجر فى وجوهنا..
أو تتحلل تماماً..
د. محمـد طــه