أنصحك بتحضير فنجان قهوة جيد قبل قراءة هذا المقال..
فيه أربع أنواع من النساء فى عقلية الرجل.. أو بالأحرى: على حسب عقلية كل رجل..
النوع الأول، هو المرأة اللى بتمثل ليه العطاء.. وتمده بالاحساس بالأمان.. تغرقه بحبها وعطفها وقربها.. ويكون فى بؤرة اهتمامها ومركز رعايتها وكامل انتباها.. النموذج الأول لهذه المرأة طبعاً هى الأم.. أو من يقوم بدورها لاحقاً.
النوع الثانى.. المرأة اللى بيتشد ليها جنسياً.. اللى بيعجبه جمالها وجسمها وشكلها.. اللى بتحرك غرايزه وشهواته.. وتداعب أحلامه وخيالاته.. اللى بيبص لها بعينين: الغريزة والاحتياج.. ومستنى يدوق معاها المتعة والنشوة..
النوع الثالث.. هو المرأة اللى بيحبها حب عُذرى روحانى.. حب يتجاوز شهوة الجسد ويتخطاه.. حب يسمو فوق الجنس والبيولوجيا.. مش عاوز منها علاقة جسدية.. لكنه عاوز قربها وودها ووصلها فقط.. يحلق معاها فى عنان السماء.. وتفضل بالنسبة له طول الوقت خارج نطاق البشر..
النوع الرابع والأخير.. هو المرأة (الحكيمة).. ودى هو مش منجذب ليها جسدياً فقط.. ولا مجذوب ليها روحياً فقط.. هو معجب ييها كلها على بعضها.. مشدود لجمالها.. مبهور بعقلها.. ومهووس بروحها.. هنا فيه متعة جسدية.. ومتعة عقلية.. ومتعة روحية.. بيلاقى متعة فى الحوار والنقاش معاها.. ومتعة فى تبادل الأفكار بينه وبينه.. ومتعة فى الاكتشاف والتعلم والتطور معاها.. أحياناً بيخوضوا مع بعض مناقشات فلسفية وابداعية عالية جداً.. ساعات يتكلموا فى الفن.. أوقات يتحاوروا فى الأدب.. ياخدوا ويدوا فى العلم والثقافة والدين والحب.. يحصل بينهم نشوة عقلية زى ما بيحصل بينهم نشوة جنسية.. هما رفقاء جسد.. ورفقاء روح فى نفس الوقت..
و(الحكيمة) هنا مش معناها تقدم السن.. أو الانفصال عن الجوانب الأنثوية.. الحكمة هنا معناها ان كل الصفات السابقة دى.. تبقى موجودة فى امرأة واحدة.. امرأة قدرت تجمع بين الصفات الأرضية البيولوجية.. والصفات الروحية والعقلية السامية.. امرأة ذكية.. وفى نفس الوقت لها القدرة على الدهاء.. امرأة لينة.. لأنها تستطيع القسوة أحياناً.. طيبة.. لأنها اختارت أن تكون طيبة.. امرأة قريبة.. لكن حدودها واضحة.. امرأة لا يمكن اختزالها فى جسمها فقط.. أو عقلها فقط.. أو روحها فقط.. امرأة منحتها الحياة جاذبية.. وصبغتها التجربة حكمة.. وصنعت منها الأيام سبيكة ذهب- برغم كل الشوائب.
نعيد بقى صياغة الكلام تانى..
على حسب درجة نمو ونضج كل رجل.. فهو بينجذب لأحد هذه الأنواع..
فيه رجل.. بيدور على من تقوم معه بدور الأم.. عطاء بلا حدود.. حب وسماح واحتواء غير مشروط.. واهتمام ورعاية وتفانى فوق المعقول..
فيه رجل.. بينجذب للجسد.. يبحث عن الشبق والنشوة.. كل همّه هو العلاقة الجنسية.. وكل آخره هو المتعة الحسية..
فيه رجل.. بيبحث عن امرأة يقدسها.. يعتبرها كائن نورانى روحانى شفاف.. لا يرى منها إلا الصفاء والنقاء والبراءة التامة.. لا ينظر إليها إلا لأعلى.. ولا يدنس علاقته بها بأى هوى..
وفيه رجل.. يشوف فى المرأة أرضها وسماءها.. يحب ملائكيتها.. ويعشق بشريتها.. ذكاءها يعمله نشوة عقلية.. جمالها يعمله نشوة حسية.. والانسجام معاها يعمله نشوة روحية… يحترم عقلها وفكرها.. زى ما بيحترم اندفاعاتها وجنونها.. يستوعب حنانها وضعفها.. زى ما بيستوعب تقلباتها وغضبها.. يقبل زلاتها وأخطائها.. زى ما بيعجب بنورها وتوهجها.. يحضن طفولتها، علشان تحضنه حكمتها..
علم النفس التحليلى سمى الأولى (حواء).. والثانية (هيلينا).. والثالثة (مريم).. والرابعة (صوفيا)..
حواء .. المرأة فى صورة الأم..
هيلينا (نسبة إلى هيلينا فى قصة طروادة).. جميلة الجميلات.. آخذة الألباب وسارقة القلوب.. مغرية.. ومغوية.. وجامحة..
مريم (نسبة إلى السيدة مريم العذراء).. امرأة مقدسة.. روحانية.. تتجاوز الجسد.. وتسمو وتتفرد فوق البشر..
وصوفيا (وتعنى الحكمة- باليونانية القديمة).. امرأة تجمع بين العقل.. والروح.. والجسد..
اللى بيدور على (حواء).. بيفضل طفل صغير طول عمره..
وده غالباً بيحصله مشاكل فى التواصل الجنسي.. لأنه بيدور على أم.. مش زوجة..
اللى بيدور على (هيلينا).. بيسجن نفسه فى جسمه وغرايزه للأبد..
وده غالباً بيفقد الشغف والحب والرغبة بعد شوية.. وقد تتحول مشاعره وانجذابه إلى العكس تماماً.. أحياناً لكره وعنف..
اللى بيدور على (مريم).. صعد خطوة هامة فى سلم النمو النفسي.. تجاوز عقدة الأم.. وتحرر من قيد الجسم..
وده بيعرف يفرق بين الحب والرغبة.. ويقدر يميز بين الوصل والنزوة.. يعرف يعمل علاقة حب رومانسية.. ويعرف يعمل علاقة أخوية نقية صافية..
أما اللى بيدور على (صوفيا).. فبيلاقى معاها معنى الحياة.. فهى مصدر الجمال والالهام والإبداع.. وملتقى الجسد والعقل والروح..
وده أنضجهم وأرقاهم.. لأنه فهم بشرية المرأة.. فذاق حلوها.. وتعلم من مُرها..
خلى بالك..
صوفيا مش ملاك.. صوفيا استمدت حكمتها من رحلتها البشرية ومعاناتها الإنسانية..
صوفيا غرزت فى الوحل.. وهى بتتشكل للحياة..
نورها لا يكتمل إلا فى وجود ظلها، ونهارها لا يخرج إلا من رحم ظلامها..
صوفيا ايديها طايلة فوق السحاب.. لكن رجليها مزروعة فى الأرض..
***
افتح عينك كده بقى وشوف.. واكتشف..
كل واحدة من دول ليها صورة معينة وأوصاف خاصة فى الفن والدراما والشعر والأغانى؟
آه والله..
الأولى.. حواء.. بيتغنالها أغانى زى: عارفة.. مش عارف ليه متونس بيكي وكأنك من دمي.. على راحتي معاكي وكأنك أمي..
الثانية.. هيلينا.. بيتعملها أغانى زى: زيدينى عشقاً زيدينى.. جسمك خارطتى.. ماعادت خارطة العالم تعنينى، أو: (القلب ملاك.. وشفايفه هلاك.. وأنا وانت يا قلبى هانعمل إيه).. وكتير من الأغانى اللى انتوا عارفينها.. واللى هى الأغلب الأعم..
الثالثة.. مريم.. بيتغنالها: هو انتى من باقى البشر.. والا انتى من أهل القمر..
والرابعة.. صوفيا.. يتغنالها: إلا أنتِ.. يا امرأة أعطتني الحب بمنتهى الحضارة..
وحاورتني مثلما تحاور القيثارة.. تطير كالحمامة البيضاء في فكري إذا فكرت..
تخرج كالعصفور من حقيبتي إذا أنا سافرت..
غمض عينك تانى كده..
كل واحدة منهم.. ليها شكل وتجسيد مختلف فى الأحلام.. يعنى فيه أربع صور للمرأة فى أحلام الرجل..
وليها تجسيد فى العقل الباطن..
وليها برضه تجسيد فى العقل الجمعى..
يعنى لما أقول (كريمة مختار).. هاتعرف على طول انها تجسيد ل(حواء) فى عقلنا الجمعى..
ولما اقول (هند رستم) أو (مارلين مونرو).. هاتفهم بسهولة إنها تجسيد ل(هيلينا)..
ولما أقول (السيدة مريم).. الصورة واضحة جداً..
و(كليوباترا).. تجسيد عقلى جمعى مصرى حى ل(صوفيا).. اللى فيها الذكاء والدهاء.. الغريزة والأنوثة.. العقل والحكمة.. الشر والخير.. التفرد والعادية..
هاتلاقى فى عقلك صور وتجسيدات تانى طبعاً.. من أول أمينة رزق.. مروراً ب(روقة).. وانتهاء ب(رابعة العدوية).. فكر وقول/اكتب زى مين تانى لو تحب..
وبمناسبة العقل الجمعى.. ممكن جمهور معين أو مجتمع معين أو ثقافة معينة تعمل من امرأة ما نموذج من الأربعة.. تعمل بمعنى تعمل.. تصنع.. تخلق.. وتضغط عليها فى اتجاه هذا النموذج (بموافقتها ومباركتها وربما رغبتها أيضاً).. لغاية ما (تلبس) هذا النموذج.. وتتحول ليه.. وتتسجن فيه.. وتفقد هويتها هى نفسها داخله.. وأشهر مثال على ده (مارلين مونرو).. اللى كان أحد أسباب انتحارها فقدانها لهويتها الحقيقية..
تصور رد فعل الجمهور كان هايبقى إيه لو قامت السيدة (كريمة مختار) بدور امرأة شريرة.. أو امرأة غير سوية السلوك!! أو رد فعل الجمهور لو لعبت فنانة اشتهرت بأدوار الإغراء دور على الجانب الآخر تماماً..
ده اسمه الsocial pressure.. وده حكاية كبيرة أوى..
وطبعاً ممكن الرجل يطلب أو يلح أو يضغط على امرأة انها تصبح مغايرة لحقيقتها.. وهنا يبقى بيشوهها وبيطمس هويتها.. وبيفقدها فى النهاية..
افتح بقى عينك على الآخر..
كل واحدة من دول بتمثل مرحلة من مراحل تطور الأنوثة الموجودة داخل كل
رجل (صفات اللين والحنية والقرب والمودة والابداع- اللى اتكلمنا عنهم فى أحد فصول كتاب علاقات خطرة)..
يعنى أنت -كرجل- تنجذب للمرأة التى تشبه درجة تطور أنوثتك النفسية الداخلية.
معلهش التعبير مش معتاد شوية..
مش بس كده..
ده كل واحدة منهم.. هى كمان مرحلة من مراحل تطور الانسانية والحضارة..
الانسانية والحضارة؟!
آه.. تصور!!
نتكلم عن تفاصيل كل ده بعدين..
السؤال المنطقى دلوقت- وبعد ما تقرا الكلام ده تانى بهدوء:
يا ترى.. انت كرجل.. فى أى مرحلة من مراحل تطورك النفسي؟
بتميل لإيه؟
بتدور على إيه؟
إيه اللى بيجذبك ويشدك ويغويك؟
ويا ترى.. انتى كأنثى.. مين فى دول؟ أو عاوزة تبقى مين فى دول؟
عاوزة تبقى:
حواء..
والا هيلينا..
والا مريم..
والا صوفيا؟
مين؟
هاه.. مين؟

 

د. محمــد طـه